ابن تسع وتسعين سنة وولد له إسحق وهو ابن مائة واثنتي عشرة سنة أو مائة وسبع عشرة سنة (إن ربي) ومالك أمرى (لسميع الدعاء) لمجيبه من قولهم سمع الملك كلامه إذا اعتد به وهي من أبنية المبالغة العاملة عمل الفعل أضيف إلى مفعوله أو فاعله بإسناد السماع إلى دعاء الله تعالى مجازا وهو مع كونه من تتمة الحمد والشكر إذ هو وصف له تعالى بأن ذلك الجميل سنته المستمرة تعليل على طريقة التذييل للهبة المذكورة وفيه إيذان بتضاعف النعمة فيها حيث وقعت بعد الدعاء بقوله رب هب لي من الصالحين فاقترنت الهبة بقبول الدعوة وتوحيد ضمير المتكلم وإن كان عقيب ذكر هبتهما لما أن نعمة الهبة فائضة عليه خاصة وهما من النعم لا من المنعم عليهم (رب اجعلني مقيم الصلاة) مثابرا عليها معدلا لها وتوحيد ضمير المتكلم مع شمول دعوته لذريته أيضا حيث قال (ومن ذريتي) أي بعضهم من المذكورين ومن يسير سيرتهما من أولادهما للإشعار بأنه المقتدى في ذلك وذريته أتباع له وأن ذكرهم بطريق الاستطراد لا كما في قوله ربنا إني أسكنت الخ فإن إسكانه مع عدم تحققه بلا ملابسة لمن اسكنه إنما هو مذكور بطريق التمهيد للدعاء الذي هو مخصوص بذريته وإنما خص هذا الدعاء ببعض ذريته لعلمه من جهة الله تعالى أن بعضا منهم لا يكون مقيم الصلاة كقوله تعالى ربنا واجعلنا مسلمين لك ومن ذريتنا أمة مسلمة لك (ربنا وتقبل دعاء) أي دعائي هذا المتعلق بجعلي وجعل بعض ذريتي مقيمي الصلاة ثابتين على ذلك مجتنبين عن عبادة الأصنام ولذلك جئ بضمير الجماعة (ربنا اغفر لي) أي ما فرط مني من ترك الأولى في باب الدين وغير ذلك مما لا يسلم منه البشر (ولوالدي) وقرئ بالتوحيد ولأبوى وهذا الاستغفار منه عليه السلام إنما كان قبل تبين الامر له عليه السلام وقيل أراد بوالديه آدم وحواء وقيل بشرط الإسلام ويرده قوله تعالى إلا قول إبراهيم الآية وقد مر في سورة التوبة نوع تحقيق للمقام وسيأتي تمامه في سورة مريم بفضل الله تعالى (وللمؤمنين) كافة من ذريته وغيرهم وللإيذان باشتراك الكل في الدعاء بالمغفرة جئ بضمير الجماعة (يوم يقوم الحساب) أي يثبت ويتحقق محاسبة أعمال المكلفين على وجه العدل استعير له من ثبوت القائم على الرجل بالاستقامة ومنه قامت الحرب على ساق والمراد تهويله وقيل أسند إليه قيام أهله مجازا أو حذف المضاف كما في واسأل القرية واعلم أن ما حكى عنه عليه السلام من الأدعية والأذكار وما يتعلق بها ليس بصادر عنه على الترتيب المحكي ولا على وجه المعية بل صدر عنه في أزمنة متفرقة حكى مرتبا للدلالة على سوء حال الكفرة بعد ظهور أمره في الملة وإرشاد الناس إليها والتضرع إلى الله تعالى لمصالحهم الدينية والدنيوية (ولا تحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون) خطاب لرسول الله صلى الله عليه وسلم تثبيته على ما كان عليه من عدم حسبانه عز وجل كذلك نحو قوله ولا تكونن من
(٥٤)