تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٥ - الصفحة ٢٤٧
وجل بعد بيان سعة رحمته «وكان وعد ربي» أي وعده المعهود أو كل ما وعد به فيدخل فيه ذلك دخولا أوليا «حقا» ثابتا لا محالة واقعا البتة وهذه الجملة تذييل من ذي القرنين لما ذكره من الجملة الشرطية ومقرر مؤكد لمضمونها وهو آخر ما حكى من قصته وقوله عز وجل «وتركنا بعضهم» كلام مسوق من جنابه تعالى معطوف على قوله تعالى جعله دكاء ومحقق لمضمونه أي جعلنا بعض الخلائق «يومئذ» أي يوم إذ جاء الوعد بمجيء بعض مباديه «يموج في بعض» آخر منهم يضطربون اضطراب أمواج البحر ويختلط إنسهم وجنهم حيارى من شدة الهول ولعل ذلك قبل النفخة الأولى أو تركنا بعض يأجوج ومأجوج يموج في بعض آخر منهم حين يخرجون من السد مزدحمين في البلاد روى أنهم يأتون البحر فيشربون ماءه ويأكلون دوابه ثم يأكلون الشجر ومن ظفروا به ممن لم يتحصن منهم من الناس ولا يقدرون أن يأتوا مكة والمدينة وبيت المقدس ثم يبعث الله عز وجل نغفا في أقفائهم فيدخل آذانهم فيموتون موت نفس واحدة فيرسل الله تعالى عليهم طيرا فتلقيهم في البحر ثم يرسل مطرا يغسل الأرض ويطهرها من نتنهم حتى يتركها كالزلفة ثم يوضع فيها البركة وذلك بعد نزول عيسى عليه الصلاة والسلام وقتل الدجال «ونفخ في الصور» هي النفخة الثانية بقضية الفاء في قوله تعالى «فجمعناهم» ولعل عدم التعرض لذكر النفخة الأولى لأنها داهية عامة ليس فيها حالة مختصة بالكفار ولئلا يقع الفصل بين ما يقع في النشأة الأولى من الأحوال والأهوال وبين ما يقع منها في النشأة الآخرة أي جمعنا الخلائق بعدما تفرقت أوصالهم وتمزقت أجسادهم في صعيد واحد للحساب والجزاء «جمعا» أي جمعا عجيبا لا يكتنه كنهه «وعرضنا جهنم» أي أظهرناها وأبرزناها «يومئذ» أي يوم إذ جمعنا الخلائق كافة «للكافرين» منهم حيث جعلناها بحيث يرونها ويسمعون لها تغيظا وزفيرا «عرضا» أي عرضا فظيعا هائلا لا يقادر قدره وتخصيص العرض بهم مع أنها بمرأى من أهل الجمع قاطبة لأن ذلك لأجلهم خاصة «الذين كانت أعينهم» وهم في الدنيا «في غطاء» كثيف وغشاوة غليظة محاطة بذاك من جميع الجوانب «عن ذكري» عن الآيات المؤدية لأولى الأبصار المتدبرين فيها إلى ذكرى بالتوحيد والتمجيد أو كانت أعين بصائرهم في غطاء عن ذكري على وجه يليق بشأني أو عن القرآن الكريم «وكانوا» مع ذلك «لا يستطيعون» لفرط تصامهم عن الحق وكمال عداوتهم للرسول صلى الله عليه وسلم «سمعا» استماعا لذكرى وكلامي الحق الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه وهذا تمثيل لإعراضهم عن الأدلة السمعية كما أن الأول تصوير لتعاميهم عن الآيات المشاهدة بالأبصار والموصول نعت للكافرين أو بدل منه أو بيان جيء به لذمهم بما في حيز الصلة وللإشعار بعليته لإصابة ما أصابهم من عرض جهنم لهم
(٢٤٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 242 243 244 245 246 247 248 249 250 251 252 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 سورة الرعد 2
2 قوله تعالى: وإن تعجب فعجب قولهم أئذا كنا ترابا أ إنا لفي خلق جديد. 6
3 قوله تعالى: أفمن يعلم أنما أنزل إليك من ربك الحق كمن هو أعمى إنما يتذكر أولو الألباب. 16
4 قوله تعالى: مثل الجنة التي وعد المتقون تجري من تحتها الأنهار أكلها دائم و ظلها تلك عقبى الذين اتقوا. 25
5 سورة إبراهيم 30
6 قوله تعالى: قالت رسلهم أفي الله شك فاطر السماوات والأرض. 36
7 قوله تعالى: ألهم تر إلى الذين بدلوا نعمة الله كفرا وأحلوا قومهم دار البوار. 45
8 الجزء الرابع عشر (سورة الحجر) قوله تعالى: الر تلك آيات الكتاب وقرآن مبين. 63
9 قوله تعالى: نبئ عبادي أني أنا الغفور الرحيم و أن عذابي هو العذاب الأليم. 80
10 (سورة النحل) قوله تعالى: أتى أمر الله فلا تستعجلوه. 94
11 قوله تعالى: وقيل للذين اتقوا ماذا أنزل ربكم قالوا خيرا للذين أحسنوا في هذه الدنيا حسنة. 110
12 قوله تعالى: وقال الله لا تتخذوا إلهين اثنين إنما هو إله واحد فارهبون. 119
13 قوله تعالى: ضرب الله مثلا عبدا مملوكا لا يقدر على شئ ومن رزقناه منا رزقا حسنا. 129
14 قوله تعالى: إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى. 136
15 قوله تعالى: يوم تأتي كل نفس تجادل عن نفسها و توفى كل نفس ما عملت وهم لا يظلمون. 144
16 الجزء الخامس عشر (سورة الإسراء) قوله تعالى: سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير. 154
17 قوله تعالى: وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا. 166
18 قوله تعالى: وقل كونوا حجارة أو حديدا أو خلقا مما يكبر في صدوركم. 177
19 قوله تعالى: ولقد كرمنا بني آدم و حملناهم في البر والبحر و رزقناهم من الطيبات. 186
20 قوله تعالى: أولم يروا أن الله خلق السماوات والأرض قادر على أن يخلق مثلهم. 197
21 (سورة الكهف) 202
22 قوله تعالى: وترى الشمس إذا طلعت تزاور عن كهفهم ذات اليمين. 211
23 قوله تعالى: واضرب لهم مثلا رجلين جعلنا لأحدهما جنتين من أعناب و حففناهما بنخل. 221
24 قوله تعالى: ما أشهدتهم خلق السماوات والأرض ولا خلق أنفسهم. 228
25 الجزء السادس عشر قوله تعالى: قال ألم أقل لك إنك تستطيع معي صبرا. 236
26 قوله تعالى: وتركنا بعضهم يومئذ يموج في بعض ونفخ في الصور فجمعناهم جمعا. 247
27 (سورة مريم عليها السلام) 252
28 قوله تعالى: فحملته فانتبذت به مكانا قصيا. 261
29 قوله تعالى: فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف تلقون غيا. 272