تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٥ - الصفحة ١١٩
على ما في السماوات عطف جبريل على الملائكة تعظيما وإجلالا أو على أن يراد بما في السماوات الخلق الذي يقال له الروح أو يراد به ملائكة السماوات وبقوله والملائكة ملائكة الأرض من الحفظة وغيرهم «وهم» أي الملائكة مع علو شأنهم «لا يستكبرون» عن عبادته عز وجل والسجود له وتقديم الضمير ليس للقصر والجملة إما حال من ضمير الفاعل في يسجد مسند إلى الملائكة أو استئناف أخبر عنهم بذلك «يخافون ربهم» أي مالك أمرهم وفيه تربية للمهابة وإشعار بعلة الحكم «من فوقهم» أي يخافون جل وعلا خوف هيبة وإجلال وهو فوقهم بالقهر كقوله تعالى وهو القاهر فوق عباده أو يخافون أن يرسل عليهم عذابا من فوقهم والجملة حال من الضمير في لا يستكبرون أو بيان له وتقرير لأن من يخاف الله سبحانه لا يستكبر عن عبادته «ويفعلون ما يؤمرون» أي ما يؤمرون به من الطاعات والتدبيرات وإيراد الفعل مبنيا للمفعول جرى على سنن الجلالة وإيذان بعدم الحاجة إلى التصريح بالفاعل لاستحالة استناده إلى غيره سبحانه وفيه أن الملائكة مكلفون مدارون بين الخوف والرجاء وبعد ما بين أن جميع الموجودات يخصون الخضوع والانقياد الطبيعي وما يجرى مجراه من عبادة الملائكة حيث لا يتصور منهم عدم الانقياد أصلا لله عز وجل أردف ذلك بحكاية نهيه سبحانه وتعالى للمكلفين عن الإشراك فقيل «وقال الله» عطفا على قوله ولله يسجد وإظهار الفاعل وتخصيص لفظه الجلالة بالذكر للإيذان بأنه متعين الألوهية وإنما المنهي عنه هو الإشراك به لا أن المنهي عنه مطلق اتخاذ إلهين بحيث يتحقق الانتهاء عنه برفض أيهما كان أي قال تعالى لجميع المكلفين «لا تتخذوا إلهين اثنين» وإنما ذكر العدد مع أن صيغة التثنية مغنية عن ذلك دلالة على أن مساق النهي هي الاثنينية وإنها منافية للألوهية كما أن وصف الإله بالوحدة في قوله تعالى «إنما هو إله واحد» لدلالة على أن المقصود إثبات الوحدانية وأنها من لوازم الإلهية وأما الإلهية فأمر مسلم الثبوت له سبحانه وإليه أشير حيث أسند إليه القول وفيه التفات من التكلم إلى الغيبة على رأى من اكتفى في تحقق الالتفات بكون الأسلوب الملتفت عنه حق الكلام ولم يشترط سبق الذكر على ذلك الوجه «فإياي فارهبون» التفات من الغيبة إلى التكلم لتربية المهابة وإلقاء الرهبة في القلوب ولذلك قدم وكرر الفعل أي إن كنتم راهبين شيئا فإياي ارهبوا فارهبوا لا غير فإني ذلك الواحد الذي يسجد له ما في السماوات والأرض «وله ما في السماوات والأرض» خلقا وملكا تقرير لعلة انقياد ما فيها له سبحانه خاصة وتحقيق لتخصيص الرهبة به تعالى وتقديم الظرف لتقوية ما في اللام من معنى الاختصاص وكذا في قوله تعالى «وله الدين» أي الطاعة والانقياد «واصبا» أي واجبا ثابتا لا زوال له لما تقرر أنه الإله وحده الحقيق بأن يرهب وقيل واصبا من الوصب أي وله الدين ذا كلفة وقيل الدين الجزاء أي وله
(١١٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 114 115 116 117 118 119 120 121 122 123 124 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 سورة الرعد 2
2 قوله تعالى: وإن تعجب فعجب قولهم أئذا كنا ترابا أ إنا لفي خلق جديد. 6
3 قوله تعالى: أفمن يعلم أنما أنزل إليك من ربك الحق كمن هو أعمى إنما يتذكر أولو الألباب. 16
4 قوله تعالى: مثل الجنة التي وعد المتقون تجري من تحتها الأنهار أكلها دائم و ظلها تلك عقبى الذين اتقوا. 25
5 سورة إبراهيم 30
6 قوله تعالى: قالت رسلهم أفي الله شك فاطر السماوات والأرض. 36
7 قوله تعالى: ألهم تر إلى الذين بدلوا نعمة الله كفرا وأحلوا قومهم دار البوار. 45
8 الجزء الرابع عشر (سورة الحجر) قوله تعالى: الر تلك آيات الكتاب وقرآن مبين. 63
9 قوله تعالى: نبئ عبادي أني أنا الغفور الرحيم و أن عذابي هو العذاب الأليم. 80
10 (سورة النحل) قوله تعالى: أتى أمر الله فلا تستعجلوه. 94
11 قوله تعالى: وقيل للذين اتقوا ماذا أنزل ربكم قالوا خيرا للذين أحسنوا في هذه الدنيا حسنة. 110
12 قوله تعالى: وقال الله لا تتخذوا إلهين اثنين إنما هو إله واحد فارهبون. 119
13 قوله تعالى: ضرب الله مثلا عبدا مملوكا لا يقدر على شئ ومن رزقناه منا رزقا حسنا. 129
14 قوله تعالى: إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى. 136
15 قوله تعالى: يوم تأتي كل نفس تجادل عن نفسها و توفى كل نفس ما عملت وهم لا يظلمون. 144
16 الجزء الخامس عشر (سورة الإسراء) قوله تعالى: سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير. 154
17 قوله تعالى: وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا. 166
18 قوله تعالى: وقل كونوا حجارة أو حديدا أو خلقا مما يكبر في صدوركم. 177
19 قوله تعالى: ولقد كرمنا بني آدم و حملناهم في البر والبحر و رزقناهم من الطيبات. 186
20 قوله تعالى: أولم يروا أن الله خلق السماوات والأرض قادر على أن يخلق مثلهم. 197
21 (سورة الكهف) 202
22 قوله تعالى: وترى الشمس إذا طلعت تزاور عن كهفهم ذات اليمين. 211
23 قوله تعالى: واضرب لهم مثلا رجلين جعلنا لأحدهما جنتين من أعناب و حففناهما بنخل. 221
24 قوله تعالى: ما أشهدتهم خلق السماوات والأرض ولا خلق أنفسهم. 228
25 الجزء السادس عشر قوله تعالى: قال ألم أقل لك إنك تستطيع معي صبرا. 236
26 قوله تعالى: وتركنا بعضهم يومئذ يموج في بعض ونفخ في الصور فجمعناهم جمعا. 247
27 (سورة مريم عليها السلام) 252
28 قوله تعالى: فحملته فانتبذت به مكانا قصيا. 261
29 قوله تعالى: فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف تلقون غيا. 272