تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٥ - الصفحة ١٢٩
ونظائره والفاء للدلالة على ترتب النهي على ما عدد من النعم الفائضة عليهم من جهته سبحانه وكون ما يشركون به تعالى بمعزل من أن يملك لهم من أقطار السماوات والأرض شيئا من رزق ما فضلا عما فصل من نعمة الخلق والتفضيل في الرزق ونعمة الأزواج والأولاد «أن الله يعلم» تعليل للنهي المذكور ووعيد على المنهي عنه أي أنه تعالى يعلم كنه ما تأتون وما تذرون وأنه في غاية العظم والقبح «وأنتم لا تعلمون» ذلك وإلا لما فعلتموه أو أنه تعالى يعلم كنه الأشياء وأنتم لا تعلمونه فدعوا رأيكم وقفوا مواقف الامتثال لما ورد عليكم من الأمر والنهي ويجوز أن يراد فلا تضربوا لله الأمثال إن الله يعلم كيف تضرب الأمثال وأنتم لا تعلمون ذلك فتقعون فيما تقعون فيه من مهاوي الردى والضلال ثم علمهم كيفية ضرب الأمثال في هذا الباب فقال «ضرب الله مثلا» أي ذكر وأورد شيئا يستدل به على تباين الحال بين جنابه عز وجل وبين ما أشركوا به وعلى تباعدهما بحيث ينادي بفساد ما ارتكبوه نداء جليا «عبدا مملوكا لا يقدر على شيء» بدل من مثلا وتفسير له والمثل في الحقيقة حالته العارضة له من المملوكية والعجز التام وبحسبها ضرب نفسه مثلا ووصف العبد بالمملوكية للتمييز عن الحر لاشتراكهما في كونهما عبدان لله سبحانه وقد أدمج فيه أن الكل عبيد له تعالى وبعدم القدرة لتمييزه عن المكاتب والمأذون اللذين لهما تصرف في الجملة وفي إبهام المثل أولا ثم بيانه بما ذكر مالا يخفى من الفخامة والجزالة «ومن رزقناه» من موصوفة معطوفة على عبدا أي رزقناه بطريق الملك والالتفات إلى التكلم للإشعار باختلاف حالي ضرب المثل والرزق «منا» من جنابنا الكبير المتعالى «رزقا حسنا» حلالا طيبا أو مستحسنا عند الناس مرضيا «فهو ينفق منه» تفضلا وإحسانا والفاء لترتيب الإنفاق على الرزق كأنه قيل ومن رزقناه منا رزقا حسنا فأنفق وإيثار ما عليه النظم الكريم من الجملة الاسمية الفعلية الخير للدلالة على ثبات الإنفاق واستمراره التجددي «سرا وجهرا» أي حال السر والجهر أو انفاق سر وإنفاق جهر والمراد بيان عموم إنفاقه للأوقات وشمول إنعامه لمن يجتنب عن قبوله جهرا والإشارة إلى أصناف نعم الله تعالى الباطنة والظاهرة وتقديم السر على الجهر للإيذان بفضله عليه والعدول عن تطبيق القرينتين بأن يقال وحرا مالكا للأموال مع كونه أدل على تباين الحال بينه وبين قسيمه لتوخي تحقيق الحق بأن الأحرار أيضا تحت ربقة عبوديته سبحانه وتعالى وأن مالكيتهم لما يملكونه ليست إلا بأن يرزقهم الله تعالى إياه من غير أن يكون لهم مدخل في ذلك مع محاولة المبالغة في الدلالة على ما قصد بالمثل من تباين الحال بين الممثلين فإن العبد المملوك حيث لم يكن مثل العبد المالك فما ظنك بالجماد ومالك الملك خلاق العالمين «هل يستوون» جمع الضمير للإيذان بأن المراد بما ذكر من اتصف بالأوصاف المذكورة من الجنسين المذكورين لا فردان معنيان منهما أي هل يستوي العبيد والأحرار المصوفون بما ذكر من الصفات مع أن الفريقين سيان في البشرية والمخلوقية لله سبحانه
(١٢٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 124 125 126 127 128 129 130 131 132 133 134 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 سورة الرعد 2
2 قوله تعالى: وإن تعجب فعجب قولهم أئذا كنا ترابا أ إنا لفي خلق جديد. 6
3 قوله تعالى: أفمن يعلم أنما أنزل إليك من ربك الحق كمن هو أعمى إنما يتذكر أولو الألباب. 16
4 قوله تعالى: مثل الجنة التي وعد المتقون تجري من تحتها الأنهار أكلها دائم و ظلها تلك عقبى الذين اتقوا. 25
5 سورة إبراهيم 30
6 قوله تعالى: قالت رسلهم أفي الله شك فاطر السماوات والأرض. 36
7 قوله تعالى: ألهم تر إلى الذين بدلوا نعمة الله كفرا وأحلوا قومهم دار البوار. 45
8 الجزء الرابع عشر (سورة الحجر) قوله تعالى: الر تلك آيات الكتاب وقرآن مبين. 63
9 قوله تعالى: نبئ عبادي أني أنا الغفور الرحيم و أن عذابي هو العذاب الأليم. 80
10 (سورة النحل) قوله تعالى: أتى أمر الله فلا تستعجلوه. 94
11 قوله تعالى: وقيل للذين اتقوا ماذا أنزل ربكم قالوا خيرا للذين أحسنوا في هذه الدنيا حسنة. 110
12 قوله تعالى: وقال الله لا تتخذوا إلهين اثنين إنما هو إله واحد فارهبون. 119
13 قوله تعالى: ضرب الله مثلا عبدا مملوكا لا يقدر على شئ ومن رزقناه منا رزقا حسنا. 129
14 قوله تعالى: إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى. 136
15 قوله تعالى: يوم تأتي كل نفس تجادل عن نفسها و توفى كل نفس ما عملت وهم لا يظلمون. 144
16 الجزء الخامس عشر (سورة الإسراء) قوله تعالى: سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير. 154
17 قوله تعالى: وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا. 166
18 قوله تعالى: وقل كونوا حجارة أو حديدا أو خلقا مما يكبر في صدوركم. 177
19 قوله تعالى: ولقد كرمنا بني آدم و حملناهم في البر والبحر و رزقناهم من الطيبات. 186
20 قوله تعالى: أولم يروا أن الله خلق السماوات والأرض قادر على أن يخلق مثلهم. 197
21 (سورة الكهف) 202
22 قوله تعالى: وترى الشمس إذا طلعت تزاور عن كهفهم ذات اليمين. 211
23 قوله تعالى: واضرب لهم مثلا رجلين جعلنا لأحدهما جنتين من أعناب و حففناهما بنخل. 221
24 قوله تعالى: ما أشهدتهم خلق السماوات والأرض ولا خلق أنفسهم. 228
25 الجزء السادس عشر قوله تعالى: قال ألم أقل لك إنك تستطيع معي صبرا. 236
26 قوله تعالى: وتركنا بعضهم يومئذ يموج في بعض ونفخ في الصور فجمعناهم جمعا. 247
27 (سورة مريم عليها السلام) 252
28 قوله تعالى: فحملته فانتبذت به مكانا قصيا. 261
29 قوله تعالى: فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف تلقون غيا. 272