وعن النبي صلى الله عليه وسلم إذا أحب الله عبدا يقول لجبريل عليه السلام إني أحب فلانا فأحبه فيحبه جبريل ثم ينادي في أهل السماء إن الله أحب فلانا فأحبوه فيحبه أهل السماء ثم يوضع له المحبة في الأرض والسين لأن السورة مكية وكانوا إذ ذاك ممقوتين بين الكفرة فوعدهم ذلك ثم أنجزه حين ربا الإسلام أو لأن الموعود في القيامة حين تعرض حسناتهم على رؤوس الأشهاد فينزع ما في صدورهم من الغل الذي كان في الدنيا ولعل إفراد هذا بالوعد من بين ما سيؤتون يوم القيامة من الكرامات السنية لما أن الكفرة سيقع بينهم يومئذ تباغض وتضاد وتقاطع وتلاعن «فإنما يسرناه» أي القرآن «بلسانك» بان أنزلناه على لغتك والباء بمعنى على وقيل ضمن التيسير معنى الإنزال أي يسرنا القرآن منزلين له بلغتك والفاء لتعليل أمر ينساق إليه النظم الكريم كأنه قيل بعد إيحاء السورة الكريمة بلغ هذا المنزل أو بشر به وأنذر فإنما يسرناه بلسانك العربي المبين «لتبشر به المتقين» أي الصائرين إلى التقوى بامتثال ما فيه من الأمر والنهي «وتنذر به قوما لدا» لا يؤمنون به لجاجا وعنادا واللد جمع الآلد وهو الشديد الخصومة اللجوج المعاند وقوله تعالى «وكم أهلكنا قبلهم من قرن» وعد لرسول الله صلى الله عليه وسلم في ضمن وعيد الكفرة بالإهلاك وحث له صلى الله عليه وسلم على الإنذار أي قرنا كثيرا أهلكنا قبل هؤلاء المعاندين وقوله تعالى «هل تحس منهم من أحد» استئناف مقرر لمضمون ما قبله أي هل تشعر بأحد منهم وترى «أو تسمع لهم ركزا» أي صوتا خفيا واصل الركز هو الخفاء ومنه ركز الرمح إذا غيب طرفه في الرض والركاز المال المدفون المخفى والمعنى أهلكناهم بالكلية واستأصلناهم بحيث لا يرى منهم أحد ولا يسمع منهم صوت خفي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من قرأ سورة مريم أعطي عشر حسنات بعدد من كذب زكريا وصدق به ويحيى وعيسى ومريم وسائر الأنبياء المذكورين فيها وبعدد من دعا الله تعالى في الدنيا ومن لم يدع الله تعالى (تم الجزء الخامس ويليه الجزء السادس وأوله سورة طه)
(٢٨٤)