بدل طاعتي «وهم» أي والحال أن إبليس وذريته «لكم عدو» أي أعداءكما في قوله تعالى فإنهم عدو لي إلا رب العالمين وقوله تعالى هم العدو وإنما فعل به ذلك تشبيها له بالمصدر نحو القبول والولوع وتقيد الاتخاذ بالجملة الحالية لتأكيد الإنكار وتشديده فإن مضمونها مانع من وقوع الاتخاذ ومناف له قطعا «بئس للظالمين» أي الواضعين للشيء في غير موضعه «بدلا» من الله سبحانه إبليس وذريته وفي الالتفات إلى الغيبة مع وضع الظالمين موضع الضمير من الإيذان بكمال السخط والإشارة إلى أن ما فعلوه ظلم قبيح ما لا يخفى «ما أشهدتهم» استئناف مسوق لبيان عدم استحقاقهم للاتخاذ المذكور في أنفسهم بعد بيان الصوارف عن ذلك من خباثة المحتد والفسق والعداوة أي ما أحضرت إبليس وذريته «خلق السماوات والأرض» حيث خلقتهما قبل خلقهم «ولا خلق أنفسهم» أي ولا أشهدت بعضهم خلق بعض كقوله تعالى «ولا تقتلوا أنفسكم» هذا ما أجمع عليه الجمهور حذارا من تفكيك الضميرين ومحافظة على ظاهر لفظ الأنفس ولك أن ترجع الضمير الثاني إلى الظالمين وتلتزم التفكيك بناء على قود المعنى إليه فإن نفي إشهاد الشياطين خلق الذين يتولونهم هو الذي يدور عليه إنكار اتخاذهم أولياء بنا على أن أدنى ما يصحح التولي حضور الولي خلق المتولى وحيث لا حضور لا مصحح للتولي قطعا وأما نفي إشهاد بعض الشياطين خلق بعض منهم فليس من مدارية الإنكار المذكور في شيء على أن إشهاد بعضهم خلق بعض إن كان مصححا لتولي الشاهد بناء على دلالته على كماله باعتبار أن له مدخلا في خلق المشهود في الجملة فهو مخل بتولي المشهود بناء على قصوره عمن شهد خلقه فلا يكون نفي الإشهاد المذكور متمحضا في نفي الكمال المصحح للتولي عن الكل والمناط للإنكار المذكور «وما كنت متخذ المضلين» أي متخذهم وإنما وضع موضعه المظهر ذما لهم وتسجيلا عليهم بالإضلال وتأكيدا لما سبق من إنكار اتخاذهم أولياء «عضدا» أعوانا في شأن الخلق أو في شأن من شئوني حتى يتوهم شركتهم في التولي بناء على الشركة في بعض أحكام الربوبية وفيه تهكم بهم وإيذان بكمال ركاكة عقولهم وسخافة آرائهم حيث لا يفهمون هذا الأمر الجلي الذي لا يكاد يشتبه على البله والصبيان فيحتاجون إلى التصريح به وإيثار نفي الإشهاد على نفي شهودهم ونفي اتخاذهم أعوانا على نفي كونهم كذلك للإشعار بأنهم مقهورون تحت قدرته تعالى تابعون لمشيئته وإرادته فيهم وأنهم بمعزل من استحقاق الشهود والمعونة من تلقاء أنفسهم من غير إحضار واتخاذ وإنما قصارى ما يتوهم في شأنهم أن يبلغوا ذلك المبلغ بأمر الله عز وجل ولم يكد ذلك يكون وقيل الضمير للمشركين والمعنى ما أشهدتم خلق ذلك وما أطلعتهم على أسرار التكوين وما خصصتهم بفضائل لا يحويها غيرهم حتى يكونوا قدوة للناس فيؤمنوا بإيمانهم كما يزعمون فلا يلتفت إلى قولهم طمعا في نصرتهم الدين فإنه لا ينبغي لي أن أعتضد بالمضلين ويعضده القراءة بفتح التاء خطابا لرسول الله صلى الله عليه وسلم والمعنى ما صح لك الاعتضاد بهم ووصفهم بالإضلال
(٢٢٨)