تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٥ - الصفحة ٢٢٨
بدل طاعتي «وهم» أي والحال أن إبليس وذريته «لكم عدو» أي أعداءكما في قوله تعالى فإنهم عدو لي إلا رب العالمين وقوله تعالى هم العدو وإنما فعل به ذلك تشبيها له بالمصدر نحو القبول والولوع وتقيد الاتخاذ بالجملة الحالية لتأكيد الإنكار وتشديده فإن مضمونها مانع من وقوع الاتخاذ ومناف له قطعا «بئس للظالمين» أي الواضعين للشيء في غير موضعه «بدلا» من الله سبحانه إبليس وذريته وفي الالتفات إلى الغيبة مع وضع الظالمين موضع الضمير من الإيذان بكمال السخط والإشارة إلى أن ما فعلوه ظلم قبيح ما لا يخفى «ما أشهدتهم» استئناف مسوق لبيان عدم استحقاقهم للاتخاذ المذكور في أنفسهم بعد بيان الصوارف عن ذلك من خباثة المحتد والفسق والعداوة أي ما أحضرت إبليس وذريته «خلق السماوات والأرض» حيث خلقتهما قبل خلقهم «ولا خلق أنفسهم» أي ولا أشهدت بعضهم خلق بعض كقوله تعالى «ولا تقتلوا أنفسكم» هذا ما أجمع عليه الجمهور حذارا من تفكيك الضميرين ومحافظة على ظاهر لفظ الأنفس ولك أن ترجع الضمير الثاني إلى الظالمين وتلتزم التفكيك بناء على قود المعنى إليه فإن نفي إشهاد الشياطين خلق الذين يتولونهم هو الذي يدور عليه إنكار اتخاذهم أولياء بنا على أن أدنى ما يصحح التولي حضور الولي خلق المتولى وحيث لا حضور لا مصحح للتولي قطعا وأما نفي إشهاد بعض الشياطين خلق بعض منهم فليس من مدارية الإنكار المذكور في شيء على أن إشهاد بعضهم خلق بعض إن كان مصححا لتولي الشاهد بناء على دلالته على كماله باعتبار أن له مدخلا في خلق المشهود في الجملة فهو مخل بتولي المشهود بناء على قصوره عمن شهد خلقه فلا يكون نفي الإشهاد المذكور متمحضا في نفي الكمال المصحح للتولي عن الكل والمناط للإنكار المذكور «وما كنت متخذ المضلين» أي متخذهم وإنما وضع موضعه المظهر ذما لهم وتسجيلا عليهم بالإضلال وتأكيدا لما سبق من إنكار اتخاذهم أولياء «عضدا» أعوانا في شأن الخلق أو في شأن من شئوني حتى يتوهم شركتهم في التولي بناء على الشركة في بعض أحكام الربوبية وفيه تهكم بهم وإيذان بكمال ركاكة عقولهم وسخافة آرائهم حيث لا يفهمون هذا الأمر الجلي الذي لا يكاد يشتبه على البله والصبيان فيحتاجون إلى التصريح به وإيثار نفي الإشهاد على نفي شهودهم ونفي اتخاذهم أعوانا على نفي كونهم كذلك للإشعار بأنهم مقهورون تحت قدرته تعالى تابعون لمشيئته وإرادته فيهم وأنهم بمعزل من استحقاق الشهود والمعونة من تلقاء أنفسهم من غير إحضار واتخاذ وإنما قصارى ما يتوهم في شأنهم أن يبلغوا ذلك المبلغ بأمر الله عز وجل ولم يكد ذلك يكون وقيل الضمير للمشركين والمعنى ما أشهدتم خلق ذلك وما أطلعتهم على أسرار التكوين وما خصصتهم بفضائل لا يحويها غيرهم حتى يكونوا قدوة للناس فيؤمنوا بإيمانهم كما يزعمون فلا يلتفت إلى قولهم طمعا في نصرتهم الدين فإنه لا ينبغي لي أن أعتضد بالمضلين ويعضده القراءة بفتح التاء خطابا لرسول الله صلى الله عليه وسلم والمعنى ما صح لك الاعتضاد بهم ووصفهم بالإضلال
(٢٢٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 223 224 225 226 227 228 229 230 231 232 233 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 سورة الرعد 2
2 قوله تعالى: وإن تعجب فعجب قولهم أئذا كنا ترابا أ إنا لفي خلق جديد. 6
3 قوله تعالى: أفمن يعلم أنما أنزل إليك من ربك الحق كمن هو أعمى إنما يتذكر أولو الألباب. 16
4 قوله تعالى: مثل الجنة التي وعد المتقون تجري من تحتها الأنهار أكلها دائم و ظلها تلك عقبى الذين اتقوا. 25
5 سورة إبراهيم 30
6 قوله تعالى: قالت رسلهم أفي الله شك فاطر السماوات والأرض. 36
7 قوله تعالى: ألهم تر إلى الذين بدلوا نعمة الله كفرا وأحلوا قومهم دار البوار. 45
8 الجزء الرابع عشر (سورة الحجر) قوله تعالى: الر تلك آيات الكتاب وقرآن مبين. 63
9 قوله تعالى: نبئ عبادي أني أنا الغفور الرحيم و أن عذابي هو العذاب الأليم. 80
10 (سورة النحل) قوله تعالى: أتى أمر الله فلا تستعجلوه. 94
11 قوله تعالى: وقيل للذين اتقوا ماذا أنزل ربكم قالوا خيرا للذين أحسنوا في هذه الدنيا حسنة. 110
12 قوله تعالى: وقال الله لا تتخذوا إلهين اثنين إنما هو إله واحد فارهبون. 119
13 قوله تعالى: ضرب الله مثلا عبدا مملوكا لا يقدر على شئ ومن رزقناه منا رزقا حسنا. 129
14 قوله تعالى: إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى. 136
15 قوله تعالى: يوم تأتي كل نفس تجادل عن نفسها و توفى كل نفس ما عملت وهم لا يظلمون. 144
16 الجزء الخامس عشر (سورة الإسراء) قوله تعالى: سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير. 154
17 قوله تعالى: وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا. 166
18 قوله تعالى: وقل كونوا حجارة أو حديدا أو خلقا مما يكبر في صدوركم. 177
19 قوله تعالى: ولقد كرمنا بني آدم و حملناهم في البر والبحر و رزقناهم من الطيبات. 186
20 قوله تعالى: أولم يروا أن الله خلق السماوات والأرض قادر على أن يخلق مثلهم. 197
21 (سورة الكهف) 202
22 قوله تعالى: وترى الشمس إذا طلعت تزاور عن كهفهم ذات اليمين. 211
23 قوله تعالى: واضرب لهم مثلا رجلين جعلنا لأحدهما جنتين من أعناب و حففناهما بنخل. 221
24 قوله تعالى: ما أشهدتهم خلق السماوات والأرض ولا خلق أنفسهم. 228
25 الجزء السادس عشر قوله تعالى: قال ألم أقل لك إنك تستطيع معي صبرا. 236
26 قوله تعالى: وتركنا بعضهم يومئذ يموج في بعض ونفخ في الصور فجمعناهم جمعا. 247
27 (سورة مريم عليها السلام) 252
28 قوله تعالى: فحملته فانتبذت به مكانا قصيا. 261
29 قوله تعالى: فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف تلقون غيا. 272