تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٥ - الصفحة ٢١١
«وإذ اعتزلتموهم» أي فارقتموهم في الاعتقاد أو أردتم الاعتزال الجسماني «وما يعبدون إلا الله» عطف على الضمير المنصوب وما موصولة أو مصدرية أي إذ اعتزلتموهم ومعبوديهم إلا الله أو وعبادتهم إلا عبادة الله وعلى التقديرين فالاستثناء متصل على تقدير كونهم مشركين كأهل مكة ومنقطع على تقدير تمحضهم في عبادة الأوثان ويجوز كون ما نافية على أنه إخبار من الله تعالى عن الفتية بالتوحيد معترض بين إذ وجوابه «فأووا» أي التجئوا «إلى الكهف» قال الفراء هو جواب إذ كما تقول إذ فعلت فافعل كذا وقيل هو دليل على جوابه أي إذ اعتزلتموهم اعتزالا اعتقاديا فاعتزلوهم اعتزالا جسمانيا أو إذا أردتم اعتزالهم فافعلوا ذلك بالالتجاء إلى الكهف «ينشر لكم» يبسط لكم ويوسع عليكم «ربكم» مالك أمركم «من رحمته» في الدارين «ويهيئ لكم» يسهل لكم «من أمركم» الذي أنتم بصدده من الفرار بالدين «مرفقا» ما ترتفقون وتنتفعون به وقرئ بفتح الميم وكسر الفاء مصدرا كالمرجع وتقديم لكم في الموضعين لما مر مرارا من الإيذان من أول الأمر بكون المؤخر من منافعهم والتشويق إلى وروده «وترى الشمس» بيان لحالهم بعد ما أووا إلى الكهف ولم يصرح به إيذانا بعدم الحاجة إليه لظهور جريانهم على موجب الأمر به لكونه صادرا عن رأي صائب وتعويلا على ما سلف من قوله سبحانه إذ أوى الفتية إلى الكهف وما لحق من إضافة الكهف إليهم وكونهم في فجوة منه والخطاب للرسول صلى لله عليه وسلم أو لكل أحد ممن يصلح للخطاب وليس المراد به الإخبار بوقوع الرؤية تحقيقا بل الإنباء بكون الكهف بحيث لو رأيته ترى الشمس «إذا طلعت تزاور» أي تتزاور وتتنحى بحذف إحدى التاءين وقرئ بإدغام التاء في الزاي وتزور كتخمر وتزوار كتحمار وتزوئر وكلها من الزور وهو الميل «عن كهفهم» الذي أووا إليه فالإضافة لأدنى ملابسة «ذات اليمين» أي جهة ذات يمين الكهف عند توجه الداخل إلى قعره أي جانبه الذي يلي المغرب فلا يقع عليهم شعاعها فيؤذيهم «وإذا غربت» أي تراها عند غروبها «تقرضهم» أي تقطعهم من القطيعة والصرم ولا تقربهم «ذات الشمال» أي جهة ذات شمال الكهف أي جانبه الذي يلي المشرق وكان ذلك بتصريف الله سبحانه على منهاج خرق العادة كرامة لهم وقوله تعالى «وهم في فجوة منه» جملة حالية مبينة لكون ذلك أمرا بديعا أي تراها تميل عنهم يمينا وشمالا ولا تحوم حولهم مع أنهم في متسع من الكهف معرض لإصابتها لولا أن عرفتها عنهم يد التقدير «ذلك» أي ما صنع الله بهم من تزاور الشمس وقرضها حالتي الطلوع والغروب
(٢١١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 206 207 208 209 210 211 212 213 214 215 216 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 سورة الرعد 2
2 قوله تعالى: وإن تعجب فعجب قولهم أئذا كنا ترابا أ إنا لفي خلق جديد. 6
3 قوله تعالى: أفمن يعلم أنما أنزل إليك من ربك الحق كمن هو أعمى إنما يتذكر أولو الألباب. 16
4 قوله تعالى: مثل الجنة التي وعد المتقون تجري من تحتها الأنهار أكلها دائم و ظلها تلك عقبى الذين اتقوا. 25
5 سورة إبراهيم 30
6 قوله تعالى: قالت رسلهم أفي الله شك فاطر السماوات والأرض. 36
7 قوله تعالى: ألهم تر إلى الذين بدلوا نعمة الله كفرا وأحلوا قومهم دار البوار. 45
8 الجزء الرابع عشر (سورة الحجر) قوله تعالى: الر تلك آيات الكتاب وقرآن مبين. 63
9 قوله تعالى: نبئ عبادي أني أنا الغفور الرحيم و أن عذابي هو العذاب الأليم. 80
10 (سورة النحل) قوله تعالى: أتى أمر الله فلا تستعجلوه. 94
11 قوله تعالى: وقيل للذين اتقوا ماذا أنزل ربكم قالوا خيرا للذين أحسنوا في هذه الدنيا حسنة. 110
12 قوله تعالى: وقال الله لا تتخذوا إلهين اثنين إنما هو إله واحد فارهبون. 119
13 قوله تعالى: ضرب الله مثلا عبدا مملوكا لا يقدر على شئ ومن رزقناه منا رزقا حسنا. 129
14 قوله تعالى: إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى. 136
15 قوله تعالى: يوم تأتي كل نفس تجادل عن نفسها و توفى كل نفس ما عملت وهم لا يظلمون. 144
16 الجزء الخامس عشر (سورة الإسراء) قوله تعالى: سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير. 154
17 قوله تعالى: وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا. 166
18 قوله تعالى: وقل كونوا حجارة أو حديدا أو خلقا مما يكبر في صدوركم. 177
19 قوله تعالى: ولقد كرمنا بني آدم و حملناهم في البر والبحر و رزقناهم من الطيبات. 186
20 قوله تعالى: أولم يروا أن الله خلق السماوات والأرض قادر على أن يخلق مثلهم. 197
21 (سورة الكهف) 202
22 قوله تعالى: وترى الشمس إذا طلعت تزاور عن كهفهم ذات اليمين. 211
23 قوله تعالى: واضرب لهم مثلا رجلين جعلنا لأحدهما جنتين من أعناب و حففناهما بنخل. 221
24 قوله تعالى: ما أشهدتهم خلق السماوات والأرض ولا خلق أنفسهم. 228
25 الجزء السادس عشر قوله تعالى: قال ألم أقل لك إنك تستطيع معي صبرا. 236
26 قوله تعالى: وتركنا بعضهم يومئذ يموج في بعض ونفخ في الصور فجمعناهم جمعا. 247
27 (سورة مريم عليها السلام) 252
28 قوله تعالى: فحملته فانتبذت به مكانا قصيا. 261
29 قوله تعالى: فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف تلقون غيا. 272