تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٥ - الصفحة ١٤٤
الغافلون» أي الكاملون في الغفلة إذ لا غفلة أعظم من الغفلة عن تدبر العواقب «لا جرم أنهم في الآخرة هم الخاسرون» إذ ضيعوا أعمارهم وصرفوها إلى مالا يفضي إلا إلى العذاب المخلد «ثم إن ربك للذين هاجروا» إلى دار الإسلام وهم عمار وأصحابه رضي الله عنهم أي لهم بالولاية والنصر لا عليهم كما يوجبه ظاهر أعمالهم السابقة فالجار والمجرور خبر لأن ويجوز أن يكون خبرها محذوفا لدلالة الخبر الآتي عليه ويجوز أن يكون ذلك خبرا لها وتكون إن الثانية تأكيدا للأولى وثم للدلالة على تباعد رتبة حالهم هذه عن رتبة حالهم التي يفيدها الاستثناء من مجرد الخروج عن حكم الغضب والعذاب بطريق الإشارة لا عن رتبة حال الكفرة «من بعد ما فتنوا» أي عذبوا على الارتداد وتلفظوا بما يرضيهم مع اطمئنان قلوبهم بالإيمان وقرئ على بناء الفاعل أي عذبوا المؤمنين كالحضرمي أكره مولاه جبرا حتى ارتد ثم أسلما وهاجرا «ثم جاهدوا» في سبيل الله «وصبروا» على مشاق الجهاد «إن ربك من بعدها» من بعد المهاجرة والجهاد والصبر فهو تصريح بما أشعر به بناء الحكم على الموصول من عليه الصلة له أو من بعد الفتنة المذكورة فهو لبيان عدم إخلال ذلك بالحكم «لغفور» لما فعلوا من قبل «رحيم» ينعم عليهم مجازاة على ما صنعوا من بعد وفي التعرض لعنوان الربوبية في الموضعين إيماء إلى علة الحكم وفي إضافة الرب إلى ضميره عليه السلام مع ظهور الأثر في الطائفة المذكورة إظهار لكمال اللطف به عليه السلام وإشعار بأن إفاضة آثار الربوبية عليهم من المغفرة والرحمة بواسطته عليه السلام ولكونهم أتباعا له «يوم تأتي كل نفس» منصوب برحيم وما رتب عليه أو بالذكر وهو يوم القيامة يوم يقوم الناس لرب العالمين «تجادل عن نفسها» عن ذاتها تسعى في خلاصها بالاعتذار لا يهمها شأن غيرها فتقول نفسي نفسي «وتوفى كل نفس» أي تعطى وافيا كاملا «ما عملت» أي جزاء ما عملت بطريق إطلاق اسم السبب على المسبب إشعارا بكمال الاتصال بين الأجزية والأعمال وإيثار الإظهار على الإضمار لزيادة التقرير وللإيذان باختلاف وفتى المجادلة والتوفية وإن كانتا في يوم واحد «وهم لا يظلمون» لا ينقصون أجورهم أولا يعاقبون بغير موجب ولا يزاد في عقابهم على ذنوبهم «وضرب الله مثلا قرية» قيل ضرب المثل صنعه واعتماله وقد مر تحقيقه في سورة البقرة ولا يتعدى إلا إلى مفعول واحد وإنما عدى إلى الاثنين لتضمنه معنى الجعل وتأخير قرية مع كونها
(١٤٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 139 140 141 142 143 144 145 146 147 148 149 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 سورة الرعد 2
2 قوله تعالى: وإن تعجب فعجب قولهم أئذا كنا ترابا أ إنا لفي خلق جديد. 6
3 قوله تعالى: أفمن يعلم أنما أنزل إليك من ربك الحق كمن هو أعمى إنما يتذكر أولو الألباب. 16
4 قوله تعالى: مثل الجنة التي وعد المتقون تجري من تحتها الأنهار أكلها دائم و ظلها تلك عقبى الذين اتقوا. 25
5 سورة إبراهيم 30
6 قوله تعالى: قالت رسلهم أفي الله شك فاطر السماوات والأرض. 36
7 قوله تعالى: ألهم تر إلى الذين بدلوا نعمة الله كفرا وأحلوا قومهم دار البوار. 45
8 الجزء الرابع عشر (سورة الحجر) قوله تعالى: الر تلك آيات الكتاب وقرآن مبين. 63
9 قوله تعالى: نبئ عبادي أني أنا الغفور الرحيم و أن عذابي هو العذاب الأليم. 80
10 (سورة النحل) قوله تعالى: أتى أمر الله فلا تستعجلوه. 94
11 قوله تعالى: وقيل للذين اتقوا ماذا أنزل ربكم قالوا خيرا للذين أحسنوا في هذه الدنيا حسنة. 110
12 قوله تعالى: وقال الله لا تتخذوا إلهين اثنين إنما هو إله واحد فارهبون. 119
13 قوله تعالى: ضرب الله مثلا عبدا مملوكا لا يقدر على شئ ومن رزقناه منا رزقا حسنا. 129
14 قوله تعالى: إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى. 136
15 قوله تعالى: يوم تأتي كل نفس تجادل عن نفسها و توفى كل نفس ما عملت وهم لا يظلمون. 144
16 الجزء الخامس عشر (سورة الإسراء) قوله تعالى: سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير. 154
17 قوله تعالى: وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا. 166
18 قوله تعالى: وقل كونوا حجارة أو حديدا أو خلقا مما يكبر في صدوركم. 177
19 قوله تعالى: ولقد كرمنا بني آدم و حملناهم في البر والبحر و رزقناهم من الطيبات. 186
20 قوله تعالى: أولم يروا أن الله خلق السماوات والأرض قادر على أن يخلق مثلهم. 197
21 (سورة الكهف) 202
22 قوله تعالى: وترى الشمس إذا طلعت تزاور عن كهفهم ذات اليمين. 211
23 قوله تعالى: واضرب لهم مثلا رجلين جعلنا لأحدهما جنتين من أعناب و حففناهما بنخل. 221
24 قوله تعالى: ما أشهدتهم خلق السماوات والأرض ولا خلق أنفسهم. 228
25 الجزء السادس عشر قوله تعالى: قال ألم أقل لك إنك تستطيع معي صبرا. 236
26 قوله تعالى: وتركنا بعضهم يومئذ يموج في بعض ونفخ في الصور فجمعناهم جمعا. 247
27 (سورة مريم عليها السلام) 252
28 قوله تعالى: فحملته فانتبذت به مكانا قصيا. 261
29 قوله تعالى: فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف تلقون غيا. 272