تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٥ - الصفحة ٥١
والسلام لما أسكن إسماعيل وهاجر هناك وعاد متوجها إلى الشام تبعته هاجر وجعلت تقول إلى من تكلنا في هذا البلقع وهو لا يرد عليها جوابا حتى قالت آلله أمرك بهذا فقال نعم قالت إذا لا يضيعنا فرضيت ومضى حتى إذا استوى على ثنية كداء اقبل على الوادي فقال ربنا إني أسكنت الآية وإنما فصل ما بينهما تثنية للامتنان وإيذانا بأن كلا منهما نعمة جليلة مستتبعة لشكر كثير كما في قصة البقرة (وجنبني وبني) بعدني وإياهم (إن نعبد الأصنام) واجعلنا منها في جانب بعيد أي ثبتنا على ما كنا عليه من التوحيد وملة الإسلام والبعد عن عبادة الأصنام وقرئ واجنبني من الأفعال وهما لغة أهل نجد يقولون جنبني شره وأجنبني شره وأما أهل الحجاز فيقولون جنبني شره وفيه دليل على أن عصمة الأنبياء عليهم السلام بتوفيق الله تعالى والظاهر أن المراد ببنيه أولاده الصلبية فلا احتجاج به لا بن عيينة رضي الله عنه على أن أحدا من أولاد إسماعيل عليه السلام لم يعبد الصنم وإنما كان لكل قوم حجر نصبوه وقالوا هو حجر والبيت حجر فكانوا يدورون به ويسمونه الدوار فاستحب أن يقال طاف بالبيت ولا يقال دار بالبيت وليت شعري كيف ذهب عليه ما في القرآن العظيم من قوارع تنعى على قريش عبادة الأصنام على أن فيما ذكره كرا على ما فر منه (رب إنهن) أي الأصنام (أضللن كثيرا من الناس) أي تسببن له كقوله تعالى وغرتهم الحياة الدنيا وهو تعليل لدعائه وإنما صدره بالنداء إظهارا لاعتنائه به ورغبة في استجابته (فمن تبعني) منهم فيما أدعو إليه من التوحيد وملة الإسلام (فإنه مني) أي بعضي قاله عليه السلام مبالغة في بيان اختصاصه به أو متصل بي لا ينفك عني في أمر الدين (ومن عصاني) أي لم يتبعني والتعبير عنه بالعصيان للإيذان بأنه عليه السلام مستمر على الدعوة وأن عدم اتباع من لم يتبعه إنما هو لعصيانه لا لأنه لم يبلغه الدعوة (فإنك غفور رحيم) قادر على أن تغفر له وترحمه ابتداء أو بعد توبته وفيه أن كل ذنب فلله تعالى أن يغفره حتى الشرك خلا أن الوعيد قضى بالفرق بينه وبين غيره (ربنا) آثر عليه السلام ضمير الجماعة لا لما قيل من تقدم ذكره وذكر بنيه وإلا لراعاه في قوله رب إنهن الخ بل لأن الدعاء المصدر به وما أورده بصدد تمهيد مبادى إجابته من قوله (إني أسكنت) الآية متعلق بذريته فالتعرض لوصف ربوبيته تعالى لهم أدخل في القبول وإجابة المسؤول (من ذريتي) أي بعضهم أو ذرية من ذريتي فحذف المفعول وهو إسماعيل عليه السلام وما سيولد له فإن إسكانه حيث كان على وجه الاطمئنان متضمن لإسكانهم روى أن هاجر أم إسماعيل عليه السلام كانت لسارة فوهبتها من إبراهيم عليه السلام فلما ولدت له إسماعيل عليه السلام غارت عليهما فناشدته أن يخرجهما من عندها فأخرجهما إلى أرض مكة فأظهر الله تعالى عين زمزم (بواد غير ذي زرع) لا يكون فيه زرع أصلا وهو وادي مكة شرفها الله تعالى (عند
(٥١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 سورة الرعد 2
2 قوله تعالى: وإن تعجب فعجب قولهم أئذا كنا ترابا أ إنا لفي خلق جديد. 6
3 قوله تعالى: أفمن يعلم أنما أنزل إليك من ربك الحق كمن هو أعمى إنما يتذكر أولو الألباب. 16
4 قوله تعالى: مثل الجنة التي وعد المتقون تجري من تحتها الأنهار أكلها دائم و ظلها تلك عقبى الذين اتقوا. 25
5 سورة إبراهيم 30
6 قوله تعالى: قالت رسلهم أفي الله شك فاطر السماوات والأرض. 36
7 قوله تعالى: ألهم تر إلى الذين بدلوا نعمة الله كفرا وأحلوا قومهم دار البوار. 45
8 الجزء الرابع عشر (سورة الحجر) قوله تعالى: الر تلك آيات الكتاب وقرآن مبين. 63
9 قوله تعالى: نبئ عبادي أني أنا الغفور الرحيم و أن عذابي هو العذاب الأليم. 80
10 (سورة النحل) قوله تعالى: أتى أمر الله فلا تستعجلوه. 94
11 قوله تعالى: وقيل للذين اتقوا ماذا أنزل ربكم قالوا خيرا للذين أحسنوا في هذه الدنيا حسنة. 110
12 قوله تعالى: وقال الله لا تتخذوا إلهين اثنين إنما هو إله واحد فارهبون. 119
13 قوله تعالى: ضرب الله مثلا عبدا مملوكا لا يقدر على شئ ومن رزقناه منا رزقا حسنا. 129
14 قوله تعالى: إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى. 136
15 قوله تعالى: يوم تأتي كل نفس تجادل عن نفسها و توفى كل نفس ما عملت وهم لا يظلمون. 144
16 الجزء الخامس عشر (سورة الإسراء) قوله تعالى: سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير. 154
17 قوله تعالى: وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا. 166
18 قوله تعالى: وقل كونوا حجارة أو حديدا أو خلقا مما يكبر في صدوركم. 177
19 قوله تعالى: ولقد كرمنا بني آدم و حملناهم في البر والبحر و رزقناهم من الطيبات. 186
20 قوله تعالى: أولم يروا أن الله خلق السماوات والأرض قادر على أن يخلق مثلهم. 197
21 (سورة الكهف) 202
22 قوله تعالى: وترى الشمس إذا طلعت تزاور عن كهفهم ذات اليمين. 211
23 قوله تعالى: واضرب لهم مثلا رجلين جعلنا لأحدهما جنتين من أعناب و حففناهما بنخل. 221
24 قوله تعالى: ما أشهدتهم خلق السماوات والأرض ولا خلق أنفسهم. 228
25 الجزء السادس عشر قوله تعالى: قال ألم أقل لك إنك تستطيع معي صبرا. 236
26 قوله تعالى: وتركنا بعضهم يومئذ يموج في بعض ونفخ في الصور فجمعناهم جمعا. 247
27 (سورة مريم عليها السلام) 252
28 قوله تعالى: فحملته فانتبذت به مكانا قصيا. 261
29 قوله تعالى: فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف تلقون غيا. 272