تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٥ - الصفحة ٢٦١
الملك تقرير لمقالته وتحقيقا لها (كذلك) أي الأمر كما قالت لك وقوله تعالى (قال ربك) الخ استئناف مقرر له أي قال ربك الذي أرسلني إليك (هو) أي ما ذكرت لك من هبة الغلام من غير أن يمسك بشر أصلا (على) خاصة (هين) وإن كان مستحيلا عادة لما أنى أحتاج إلى الأسباب والوسائط وقوله تعالى (ولنجعله آية للناس) إما علة لمعلل محذوف أي ولنجعل وهب الغلام آية لهم وبرهانا يستدلون به على كمال قدرتنا نفعل ذلك أو معطوف على علة أخرى مضمرة أي لنبين به عظم قدرتنا ولنجعله آية الخ والواو على الأول اعتراضية والالتفات إلى نون العظمة لإظهار كمال الجلالة (ورحمة) عظيمة كائنة (منا) عليهم يهتدون بهدايته ويسترشدون بإرشاده (وكان) ذلك (أمرا مقضيا) محكما قد تعلق به قضاؤنا الأزلي أو قدر وسطر في اللوح لا بد من جريانه عليك البتة أو كان أمرا حقيقيا بأن يقضي ويفعل لتضمنه حكما بالغة (فحملته) بأن نفخ جبريل علية الصلاة والسلام في درعها فدخلت النفخة في جوفها قيل إنه علية الصلاة والسلام رفع درعها فنفخ في جيبه فحملت وقيل نفخ عن بعد فوصل الريح إليها فحملت في الحال وقيل إن النفحة كانت في فيها وكانت مدة حملها سبعة أشهر وقيل ثمانية ولم يعش مولود وضع لثمانية أشهر غيرة وقيل تسعة أشهر وقيل ثلاث ساعات وقيل ساعة كما حملت وضعته وسنها حينئذ ثلاث عشرة سنة وقيل عشر سنين وقد حاضت حيضتين «فانتبذت به» أي فاعتزلت وهو في بطنها كما في قوله * تدوس بنا الجماجم والنريبا * فالجار والمجرور في حيز النصب على الحالية أي فانتبذت ملتبسة به «مكانا قصيا» بعيدا من أهلها وراء الجبل وقيل أقصى الدار وهو الأنسب بقصر مدة الحمل «فأجاءها المخاض» أي فألجأها وهو في الأصل منقول من جاء لكنه لم يستعمل في غيره كآتي في أعطى وقرئ المخاض بكسر الميم وكلاهما مصدر مخضت المرأة إذا تحرك الولد في بطنها للخروج «إلى جذع النخلة» لتستتر به وتعتمد عليه عند الولادة وهو ما بين العرق والغصن وكانت نخلة يابسة لا راس لها ولا خضرة وكان الوقت شتاء والتعريف إما للجنس أو للعهد إذا لم يكن ثمة غيرها وكانت كالمتعالم عند الناس ولعلة تعالى ألهمها ذلك ليريها من آياتها ما يسكن روعتها ويطعمها الرطب الذي هو خرسة النفساء الموافقة لها «قالت يا ليتني مت» بكسر الميم من مات يمات كخفت وقرئ بضمها من مات يموت «قبل هذا» أي هذا الوقت الذي لقيت فيه ما لقيت وإنما قالته مع أنها كانت تعلم ما جرى بينها وبين جبريل عليه السلام من الوعد الكريم استحياء من الناس وخوفا من لأئمتهم أو حذارا من وقوع الناس في المعصية بما تكلموا فيها أو جريا على سنن الصالحين عند اشتداد الأمر عليهم كما روى عن عمر رضي الله عنه أنه أخذ تبنة من الأرض فقال يا ليتني هذه التبنة ولم أكن شيئا وعن بلال أنه قال ليت بلال لم تلده أمه «وكنت نسيا» أي شيئا تافها شأنه أن ينسى ولا يعتد به أصلا وقرئ بالكسر قيل هما لغتان في ذلك كالوتر والوتر وقيل هو بالكسر اسم لما ينسى كالنقض اسم
(٢٦١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 256 257 258 259 260 261 262 263 264 265 266 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 سورة الرعد 2
2 قوله تعالى: وإن تعجب فعجب قولهم أئذا كنا ترابا أ إنا لفي خلق جديد. 6
3 قوله تعالى: أفمن يعلم أنما أنزل إليك من ربك الحق كمن هو أعمى إنما يتذكر أولو الألباب. 16
4 قوله تعالى: مثل الجنة التي وعد المتقون تجري من تحتها الأنهار أكلها دائم و ظلها تلك عقبى الذين اتقوا. 25
5 سورة إبراهيم 30
6 قوله تعالى: قالت رسلهم أفي الله شك فاطر السماوات والأرض. 36
7 قوله تعالى: ألهم تر إلى الذين بدلوا نعمة الله كفرا وأحلوا قومهم دار البوار. 45
8 الجزء الرابع عشر (سورة الحجر) قوله تعالى: الر تلك آيات الكتاب وقرآن مبين. 63
9 قوله تعالى: نبئ عبادي أني أنا الغفور الرحيم و أن عذابي هو العذاب الأليم. 80
10 (سورة النحل) قوله تعالى: أتى أمر الله فلا تستعجلوه. 94
11 قوله تعالى: وقيل للذين اتقوا ماذا أنزل ربكم قالوا خيرا للذين أحسنوا في هذه الدنيا حسنة. 110
12 قوله تعالى: وقال الله لا تتخذوا إلهين اثنين إنما هو إله واحد فارهبون. 119
13 قوله تعالى: ضرب الله مثلا عبدا مملوكا لا يقدر على شئ ومن رزقناه منا رزقا حسنا. 129
14 قوله تعالى: إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى. 136
15 قوله تعالى: يوم تأتي كل نفس تجادل عن نفسها و توفى كل نفس ما عملت وهم لا يظلمون. 144
16 الجزء الخامس عشر (سورة الإسراء) قوله تعالى: سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير. 154
17 قوله تعالى: وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا. 166
18 قوله تعالى: وقل كونوا حجارة أو حديدا أو خلقا مما يكبر في صدوركم. 177
19 قوله تعالى: ولقد كرمنا بني آدم و حملناهم في البر والبحر و رزقناهم من الطيبات. 186
20 قوله تعالى: أولم يروا أن الله خلق السماوات والأرض قادر على أن يخلق مثلهم. 197
21 (سورة الكهف) 202
22 قوله تعالى: وترى الشمس إذا طلعت تزاور عن كهفهم ذات اليمين. 211
23 قوله تعالى: واضرب لهم مثلا رجلين جعلنا لأحدهما جنتين من أعناب و حففناهما بنخل. 221
24 قوله تعالى: ما أشهدتهم خلق السماوات والأرض ولا خلق أنفسهم. 228
25 الجزء السادس عشر قوله تعالى: قال ألم أقل لك إنك تستطيع معي صبرا. 236
26 قوله تعالى: وتركنا بعضهم يومئذ يموج في بعض ونفخ في الصور فجمعناهم جمعا. 247
27 (سورة مريم عليها السلام) 252
28 قوله تعالى: فحملته فانتبذت به مكانا قصيا. 261
29 قوله تعالى: فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف تلقون غيا. 272