تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٥ - الصفحة ١٦٦
«وقضى ربك» أي أمر أمرا مبرما وقرئ وأوصى ربك ووصى ربك «أن لا تعبدوا» أي بأن لا تعبدوا «إلا إياه» على أن أن مصدرية ولا نافيه أو أي لا تعبدوا على أنها مفسرة ولا ناهية لأن العبادة غاية التعظيم فلا تحق إلا لمن له غاية العظمة ونهاية الإنعام وهو كالتفصيل للسعي للآخرة «وبالوالدين» أي وبأن تحسنوا بهما أو وأحسنوا بهما «إحسانا» لأنهما السبب الظاهر للوجود والتعيش «إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما» إما مركبة من أن الشرطية وما المزيدة لتأكيدها ولذلك دخل الفعل نون التأكيد ومعنى عندك في كنفك وكفالتك وتقديمه على المفعول مع أن حقه التأخر عنه للتشويق إلى وروده فإنه مدار تضاعف الرعاية والإحسان وأحدهما فاعل للفعل وتأخيره عن الظرف والمفعول لئلا يطول الكلام به وبما عطف عليه وقرئ يبلغان فأحدهما بدل من ضمير التثنية وكلاهما عطف عليه ولا سبيل إلى جعل كلاهما تأكيدا للضمير وتوحيد ضمير الخطاب في عندك وفيما بعده مع أن ما سبق على الجمع للاحتراز عن التباس المراد فإن المقصود نهى كل أحد عن تأفيف والديه ونهرهما ولو قوبل الجمع بالجمع أو بالتثنية لم يحصل هذا المرام «فلا تقل لهما» أي لواحد منهما حالتي الانفراد والاجتماع «أف» وهو صوت ينبئ عن تضجر أو اسم فعل هو أتضجر وقرئ بالكسر بلا تنوين وبالفتح والضم منونا وغير منون أي لا تتضجر بها تستقذر منهما وتستثقل من مؤنهما وبهذا النهي يفهم الهي عن سائر ما يؤذيهما بدلالة النص وقد خص بالذكر بعضه إظهار اللاعتناء بشأنه فقيل «ولا تنهرهما» أي لا تزجرهما عما لا يعجبك بإغلاظ قيل النهي والنهر والنهم أخوات «وقل لهما» بدل التأفيف والنهر «قولا كريما» ذات كرم أو هو وصف له بوصف صاحبه أي قولا صادرا عن كرم ولطف وهو القول الجميل الذي يقتضيه حسن الأدب ويستدعيه النزول على المروءة مثل أن يقول يا أباه ويا أماه كدأب إبراهيم عليه السلام إذ قال لأبيه يا أبت مع ما به من الكفر ولا يدعوهما بأسمائهما فإنه من الجفاء وسوء الأدب وديدن الدعار وسئل الفضيل بن عياض عن بر الوالدين فقال أن لا تقوم إلى خدمتهما عن كسل وقيل أن لا ترفع صوتك عليهما ولا تنظر إليهما شزرا ولا يريا منك مخالفة في ظاهر ولا باطن وأن تترحم عليهما ما عاشا وتدعو لهما إذا ماتا وتقوم بخدمة أودائهما من بعدهما فعن النبي صلى الله عليه وسلم إن من أبر البر أن يصل الرجل أهل ود أبيه «واخفض لهما جناح الذل» عبارة عن إلانة الجانب والتواضع والتذلل لهما فإن إعزازهما لا يكون إلا بذلك فكأنه قيل واخفض لهما جناحك الذليل أو جعل لذله جناح كما جعل لبيد في قوله [وغداة ريح قد كشفت وقرة إذا أصبحت بيد الشمال زمامها] للقرة زماما وللشمال يدا تشبيها له بطائر يخفض جناحه لأفراخه تربية لها وشفقة عليها وأما جعل خفض الجناح عبارة عن ترك الطيران كما فعله القفال فلا يناسب
(١٦٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 161 162 163 164 165 166 167 168 169 170 171 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 سورة الرعد 2
2 قوله تعالى: وإن تعجب فعجب قولهم أئذا كنا ترابا أ إنا لفي خلق جديد. 6
3 قوله تعالى: أفمن يعلم أنما أنزل إليك من ربك الحق كمن هو أعمى إنما يتذكر أولو الألباب. 16
4 قوله تعالى: مثل الجنة التي وعد المتقون تجري من تحتها الأنهار أكلها دائم و ظلها تلك عقبى الذين اتقوا. 25
5 سورة إبراهيم 30
6 قوله تعالى: قالت رسلهم أفي الله شك فاطر السماوات والأرض. 36
7 قوله تعالى: ألهم تر إلى الذين بدلوا نعمة الله كفرا وأحلوا قومهم دار البوار. 45
8 الجزء الرابع عشر (سورة الحجر) قوله تعالى: الر تلك آيات الكتاب وقرآن مبين. 63
9 قوله تعالى: نبئ عبادي أني أنا الغفور الرحيم و أن عذابي هو العذاب الأليم. 80
10 (سورة النحل) قوله تعالى: أتى أمر الله فلا تستعجلوه. 94
11 قوله تعالى: وقيل للذين اتقوا ماذا أنزل ربكم قالوا خيرا للذين أحسنوا في هذه الدنيا حسنة. 110
12 قوله تعالى: وقال الله لا تتخذوا إلهين اثنين إنما هو إله واحد فارهبون. 119
13 قوله تعالى: ضرب الله مثلا عبدا مملوكا لا يقدر على شئ ومن رزقناه منا رزقا حسنا. 129
14 قوله تعالى: إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى. 136
15 قوله تعالى: يوم تأتي كل نفس تجادل عن نفسها و توفى كل نفس ما عملت وهم لا يظلمون. 144
16 الجزء الخامس عشر (سورة الإسراء) قوله تعالى: سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير. 154
17 قوله تعالى: وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا. 166
18 قوله تعالى: وقل كونوا حجارة أو حديدا أو خلقا مما يكبر في صدوركم. 177
19 قوله تعالى: ولقد كرمنا بني آدم و حملناهم في البر والبحر و رزقناهم من الطيبات. 186
20 قوله تعالى: أولم يروا أن الله خلق السماوات والأرض قادر على أن يخلق مثلهم. 197
21 (سورة الكهف) 202
22 قوله تعالى: وترى الشمس إذا طلعت تزاور عن كهفهم ذات اليمين. 211
23 قوله تعالى: واضرب لهم مثلا رجلين جعلنا لأحدهما جنتين من أعناب و حففناهما بنخل. 221
24 قوله تعالى: ما أشهدتهم خلق السماوات والأرض ولا خلق أنفسهم. 228
25 الجزء السادس عشر قوله تعالى: قال ألم أقل لك إنك تستطيع معي صبرا. 236
26 قوله تعالى: وتركنا بعضهم يومئذ يموج في بعض ونفخ في الصور فجمعناهم جمعا. 247
27 (سورة مريم عليها السلام) 252
28 قوله تعالى: فحملته فانتبذت به مكانا قصيا. 261
29 قوله تعالى: فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف تلقون غيا. 272