تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٥ - الصفحة ١٩٧
كائنين عليها سحبا كقوله تعالى يوم يسحبون في النار على وجوههم أو مشيا فقد روى أنه قيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم كيف يمشون على وجوههم قال إن الذي أمشاهم على أقدامهم قادر على أن يمشيهم على وجوههم (عميا) حال من الضمير المجرور في الحال السابقة (وبكما وصما) لا يبصرون ما يقر أعينهم ولا ينطقون ما يقبل منهم ولا يسمعون ما يلذ مسامعهم لما قد كانوا في الدنيا لا يستبصرون بالآيات والعبر ولا ينطقون بالحق ولا يستمعونه ويجوز أن يحشروا بعد الحساب من الموقف إلى النار موفي القوى والحواس وأن يحشروا كذلك ثم يعاد إليهم قواهم وحواسهم فإن إدراكاتهم بهذه المشاعر في بعض المواطن مما لا ريب فيه (مأواهم جهنم) إما حال أو استئناف وكذا قوله تعالى «كلما خبت زدناهم سعيرا» أي كلما سكن لهبها بأن أكلت جلودهم ولحومهم ولم يبق فيهم ما تتعلق به النار وتحرقه زدناهم توقدا بأن بدلناهم جلودا غيرها فعادت ملتهبة ومستعرة ولعل ذلك عقوبة لهم على إنكارهم الإعادة بعد الفناء بتكريرها مرة بعد أخرى ليروها عينا حيث لم يعلموها برهانا كما يفصح عنه قوله تعالى (ذلك) أي ذلك العذاب (جزاؤهم بأنهم) أي بسبب أنهم «كفروا بآياتنا» العقلية والنقلية الدالة على صحة الإعادة دلالة واضحة فذلك مبتدأ وجزاؤهم خبره ويجوز أن يكون مبتدأ ثانيا وبأنهم خبره والجملة خبرا لذلك وأن يكون جزاؤهم بدلا من ذلك أو بيانا له والخبر هو الظرف (وقالوا) منكرين أشد الانكار «أئذا كنا عظاما ورفاتا أئنا لمبعوثون خلقا جديدا» إما مصدر مؤكد من غير لفظه أي لمبعوثون بعثا جديدا وإما حال أي مخلوقين مستأنفين (أو لم يروا) أي ألم يتفكروا ولم يعلموا «أن الله خلق السماوات والأرض» من غير مادة مع عظمهما «قادر على أن يخلق مثلهم» في الصغر على أن المثل مقحم والمراد بالخلق الإعادة كما عبر عنها بذلك حيث قيل خلقا جديدا «وجعل لهم أجلا لا ريب فيه») عطف على أولم يروا فإنه في قوة قدر أو واو المعنى قد علموا أن من قدر على خلق السماوات والأرض فهو قادر على خلق أمثالهم من الإنس وجعل لهم ولبعثهم أجلا محققا لا ريب فيه هو يوم القيامة «فأبى الظالمون» وضع موضع الضمير تسجيلا عليهم بالظلم وتجاوز الحد بالمرة «إلا كفورا» أي جحودا «قل لو أنتم تملكون خزائن رحمة ربي» خزائن رزقه التي أفاضها على كافة الموجودات وأنتم مرتفع بفعل يفسره المذكور كقول حاتم لو ذات سوار لطمتني وفائدة ذلك المبالغة والدلالة على الاختصاص (إذن لأمسكتم) لبخليم (خشية الانفاق) مخالفة النفاد
(١٩٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 192 193 194 195 196 197 198 199 200 201 202 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 سورة الرعد 2
2 قوله تعالى: وإن تعجب فعجب قولهم أئذا كنا ترابا أ إنا لفي خلق جديد. 6
3 قوله تعالى: أفمن يعلم أنما أنزل إليك من ربك الحق كمن هو أعمى إنما يتذكر أولو الألباب. 16
4 قوله تعالى: مثل الجنة التي وعد المتقون تجري من تحتها الأنهار أكلها دائم و ظلها تلك عقبى الذين اتقوا. 25
5 سورة إبراهيم 30
6 قوله تعالى: قالت رسلهم أفي الله شك فاطر السماوات والأرض. 36
7 قوله تعالى: ألهم تر إلى الذين بدلوا نعمة الله كفرا وأحلوا قومهم دار البوار. 45
8 الجزء الرابع عشر (سورة الحجر) قوله تعالى: الر تلك آيات الكتاب وقرآن مبين. 63
9 قوله تعالى: نبئ عبادي أني أنا الغفور الرحيم و أن عذابي هو العذاب الأليم. 80
10 (سورة النحل) قوله تعالى: أتى أمر الله فلا تستعجلوه. 94
11 قوله تعالى: وقيل للذين اتقوا ماذا أنزل ربكم قالوا خيرا للذين أحسنوا في هذه الدنيا حسنة. 110
12 قوله تعالى: وقال الله لا تتخذوا إلهين اثنين إنما هو إله واحد فارهبون. 119
13 قوله تعالى: ضرب الله مثلا عبدا مملوكا لا يقدر على شئ ومن رزقناه منا رزقا حسنا. 129
14 قوله تعالى: إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى. 136
15 قوله تعالى: يوم تأتي كل نفس تجادل عن نفسها و توفى كل نفس ما عملت وهم لا يظلمون. 144
16 الجزء الخامس عشر (سورة الإسراء) قوله تعالى: سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير. 154
17 قوله تعالى: وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا. 166
18 قوله تعالى: وقل كونوا حجارة أو حديدا أو خلقا مما يكبر في صدوركم. 177
19 قوله تعالى: ولقد كرمنا بني آدم و حملناهم في البر والبحر و رزقناهم من الطيبات. 186
20 قوله تعالى: أولم يروا أن الله خلق السماوات والأرض قادر على أن يخلق مثلهم. 197
21 (سورة الكهف) 202
22 قوله تعالى: وترى الشمس إذا طلعت تزاور عن كهفهم ذات اليمين. 211
23 قوله تعالى: واضرب لهم مثلا رجلين جعلنا لأحدهما جنتين من أعناب و حففناهما بنخل. 221
24 قوله تعالى: ما أشهدتهم خلق السماوات والأرض ولا خلق أنفسهم. 228
25 الجزء السادس عشر قوله تعالى: قال ألم أقل لك إنك تستطيع معي صبرا. 236
26 قوله تعالى: وتركنا بعضهم يومئذ يموج في بعض ونفخ في الصور فجمعناهم جمعا. 247
27 (سورة مريم عليها السلام) 252
28 قوله تعالى: فحملته فانتبذت به مكانا قصيا. 261
29 قوله تعالى: فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف تلقون غيا. 272