تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٥ - الصفحة ٥٢
بيتك) ظرف لأسكنت كقولك صليت بمكة عند الركن لا أنه صفة لواد أو بدل منه إذ المقصود إظهار كون ذلك الإسكان مع فقدان مباديه بالمرة لمحض التقرب إلى الله تعالى والالتجاء إلى جواره الكريم كما ينبئ عنه التعرض لعنوان الحرمة المؤذن بعزة الملتجأ وعصمته عن المكاره في قوله تعالى (المحرم) حيث حر التعرض له والتهاون به أو لم يزل معظما ممنعا يهابه الجبابرة في كل عصر أو منع منه الطوفان فلم يستول عليه ولذلك سمى عتيقا وتسميته إذ ذاك بيتا ولم يكن له بناء وإنما كان نشزا مثل الرابية تأتيه السيول فتأخذ ذات اليمين وذات الشمال ليست باعتبار ما سيئول إليه الأمر من بنائه عليه السلام فإنه ينزع إلى اعتبار عنوان الحرمة أيضا كذلك بل إنما هي باعتبار ما كان من قبل فإن تعدد بناء الكعبة المعظمة مما لا ريب فيه وإنما الاختلاف في كمية عدده وقد ذكرناها في سورة البقرة بفضل الله تعالى (ربنا ليقيموا الصلاة) متوجهين إليه متبركين به وهو متعلق بأسكنت وتخصيصها بالذكر من بين سائر شعائر الدين لفضلها وتكرير النداء وتوسيطه لإظهار كمال العناية بإقامة الصلاة والاهتمام بعرض أن الغرض من إسكانهم بذلك الوادي البلقع ذلك المقصد الأقصى والمطلب الأسنى وكل ذلك لتمهيد مبادى إجابة دعائه وإعطاء مسئوله الذي لا يتسنى ذلك المرام إلا به ولذلك أدخل عليه الفاء فقال (فاجعل أفئدة من الناس) أي أفئدة من أفئدتهم فمن للتبعيض ولذلك قيل لو قال أفئدة الناس لازدحمت عليهم فارس والروم وأما ما زيد عليه من قولهم ولحجت اليهود والنصارى فغير مناسب للمقام إذ المسؤول توجيه القلوب إليهم للمساكنة معهم لا توجيهها إلى البيت للحج وإلا لقيل تهوى إليه فإنه عين الدعاء بالبلدية قد حكى بعبارة أخرى كما مر أو لابتداء الغاية كقولك القلب مني سقيم أي أفئدة ناس وقرئ آفدة على القلب كآدر في أدؤر أو على أنه اسم فاعل من أفدت الرحلة أي عجلت أي جماعة من الناس وأفدة بطرح الهمزة من الأفئدة أو على النعت من أفد (تهوى إليهم) تسرع إليهم شوقا وودادا وقرئ على البناء للمفعول من أهواه غيره وتهوى من باب علم أي تحب وتعديته إلى لتضمنه معنى الشوق والنروع وأول آثار هذه الدعوة ما روى أنه مرت رفقة من جرهم تريد الشام فرأ والطير تحوم على الجبل فقالوا ان هذا الطائر لعائف على الماء فأشر فوا فإذا هم بهاجر فقالوا لها ان شئت كنا معك وآنسناك والماء ماؤك فأذنت لهم وكانوا معها إلى أن شب إسماعيل عليه السلام وماتت هاجر فتزوج إسماعيل منهم كما هو المشهور (وارزقهم) أي ذريتي الذين أسكنهم هناك أو مع من ينحاز إليهم من الناس وإنما لم يخص الدعاء بالمؤمنين منهم كما في قوله وارزق أهله من الثمرات من آمن منهم بالله واليوم الآخر اكتفاء بذكر إقامة الصلاة (من الثمرات) من أنواعها بأن بجعل بقرب منه قرى يحصل فيها ذلك أو يجبى إليه من الأقطار الشاسعة وقد حصل كلاهما حتى إنه يجتمع فيه الفواكه الربيعية والصيفية والخريفية في يوم واحد 0 روى عن ابن عباس رضى الله عنهما أن الطائف كانت من أرض فلسطين فلما دعا إبراهيم عليه السلام بهذه الدعوة رفعها الله تعالى ووضعها حيث وضعها رزقا للحرم وعن الزهري رضى الله عنه أنه تعالى نقل قرية من قرى الشام فوضعها بالطائف لدعوة إبراهيم عليه السلام (لعلهم يشكرون) تلك النعمة بإقامة الصلاة وأداء سائر مراسم العبودية وقيل اللام في ليقيموا لام الأمر والمراد أمرهم بإقامة الصلاة والدعاء من الله تعالى
(٥٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 سورة الرعد 2
2 قوله تعالى: وإن تعجب فعجب قولهم أئذا كنا ترابا أ إنا لفي خلق جديد. 6
3 قوله تعالى: أفمن يعلم أنما أنزل إليك من ربك الحق كمن هو أعمى إنما يتذكر أولو الألباب. 16
4 قوله تعالى: مثل الجنة التي وعد المتقون تجري من تحتها الأنهار أكلها دائم و ظلها تلك عقبى الذين اتقوا. 25
5 سورة إبراهيم 30
6 قوله تعالى: قالت رسلهم أفي الله شك فاطر السماوات والأرض. 36
7 قوله تعالى: ألهم تر إلى الذين بدلوا نعمة الله كفرا وأحلوا قومهم دار البوار. 45
8 الجزء الرابع عشر (سورة الحجر) قوله تعالى: الر تلك آيات الكتاب وقرآن مبين. 63
9 قوله تعالى: نبئ عبادي أني أنا الغفور الرحيم و أن عذابي هو العذاب الأليم. 80
10 (سورة النحل) قوله تعالى: أتى أمر الله فلا تستعجلوه. 94
11 قوله تعالى: وقيل للذين اتقوا ماذا أنزل ربكم قالوا خيرا للذين أحسنوا في هذه الدنيا حسنة. 110
12 قوله تعالى: وقال الله لا تتخذوا إلهين اثنين إنما هو إله واحد فارهبون. 119
13 قوله تعالى: ضرب الله مثلا عبدا مملوكا لا يقدر على شئ ومن رزقناه منا رزقا حسنا. 129
14 قوله تعالى: إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى. 136
15 قوله تعالى: يوم تأتي كل نفس تجادل عن نفسها و توفى كل نفس ما عملت وهم لا يظلمون. 144
16 الجزء الخامس عشر (سورة الإسراء) قوله تعالى: سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير. 154
17 قوله تعالى: وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا. 166
18 قوله تعالى: وقل كونوا حجارة أو حديدا أو خلقا مما يكبر في صدوركم. 177
19 قوله تعالى: ولقد كرمنا بني آدم و حملناهم في البر والبحر و رزقناهم من الطيبات. 186
20 قوله تعالى: أولم يروا أن الله خلق السماوات والأرض قادر على أن يخلق مثلهم. 197
21 (سورة الكهف) 202
22 قوله تعالى: وترى الشمس إذا طلعت تزاور عن كهفهم ذات اليمين. 211
23 قوله تعالى: واضرب لهم مثلا رجلين جعلنا لأحدهما جنتين من أعناب و حففناهما بنخل. 221
24 قوله تعالى: ما أشهدتهم خلق السماوات والأرض ولا خلق أنفسهم. 228
25 الجزء السادس عشر قوله تعالى: قال ألم أقل لك إنك تستطيع معي صبرا. 236
26 قوله تعالى: وتركنا بعضهم يومئذ يموج في بعض ونفخ في الصور فجمعناهم جمعا. 247
27 (سورة مريم عليها السلام) 252
28 قوله تعالى: فحملته فانتبذت به مكانا قصيا. 261
29 قوله تعالى: فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف تلقون غيا. 272