مشاكلة أو تغليبا لحال السوق على حال عدمه فمرجع الاستثناء حينئذ إلى منع الزيادة في المستثنى منه كما أنه في الصورة الأولى إلى منع النقصان فيه أي فلهن هذا القدر زيادة ولا نقصان في جميع الأحوال إلا في حال عفوهن فإنه حينئذ لا يكون لهن القدر المذكور بل ينتفى ذلك أو ينحط أو في حال عفو الزوج فإنه حينئذ يكون لهن الزيادة على ذلك القدر هذا على التفسير الأول وأما على التفسير الثاني فلا بد من المصير إلى جعل الاستثناء منقطعا لأن في صورة عفو الزوج لا يتصور الوجوب عليه هذا عندنا وفي القول القديم للشافعي رحمه الله أن المراد عفو الولي الذي بيده عقده نكاح الصغيرة وهو ظاهر المأخذ خلا أن الأولى أنسب بقوله تعالى «وأن تعفوا أقرب للتقوى» إلى آخره فإن أسقاط حق الصغير ليس في شئ من التقوى وعن جبير بن مطعم أنه تزوج امرأة وطلقها قبل الدخول وأكمل لها الصداق وقال أنا أحق بالعفو وقرئ بالياء «ولا تنسوا الفضل بينكم» أي لا تتركوا أن يتفضل بعضكم على بعض كالشئ المنسى وقرئ بكسر الواو والخطاب في الفعلين للرجال والنساء جميعا بطريق التغليب «إن الله بما تعملون بصير» فلا يكاد يضيع ما عملتم من التفضل والاحسان «حافظوا على الصلوات» أي داوموا على أدائها لأوقاتها من غير اخلال بشيء منها كما تنبئ عنه صيغة المفاعلة المفيدة للمبالغة ولعل الأمر بها في تضاعيف بيان أحكام الأزواج والأولاد قبل الاتمام للإيذان بأنها حقيقة بكمال الاعتناء بشأنها والمثابرة عليها من غير اشتغال عنها بشأنهم بل بشأن أنفسهم أيضا كما يفصح عنه الامر بها في حالة الخوف ولذلك امر بها في خلال بيان ما يتعلق بهم من الأحكام الشرعية المتشابكة الآخذ بعضها بحجزة بعض «والصلاة الوسطى» أي المتوسطة بينها أو الفضلى منها وهي صلاة العصر لقوله صلى الله عليه وسلم يوم الأحزاب شغلونا عن الصلاة الوسطى صلاة العصر ملأ الله تعالى بيوتهم نارا وقال صلى الله عليه وسلم انها الصلاة التي شغل عنها سليمان بن داود عليهما الصلاة والسلام وفضلها لكثرة اشتغال الناس في وقتها بتجاراتهم ومكاسبهم واجتماع ملائكة الليل وملائكة النهار حينئذ وقيل هي صلاة الظهر لأنها في وسط النهار وكانت أشق الصلوات عليهم لما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصليها بالهاجرة فكانت أفضلها لقوله صلى الله عليه وسلم أفضل العبادات أحمزها وقيل هي صلاة الفجر لأنها بين صلاتي الليل والنهار والواقعة في الحد المشترك بينهما ولأنها مشهودة كصلاة العصر وقيل هي صلاة المغرب لأنها متوسطة من حيث العدد ومن حيث الوقوع بين صلاتي النهار والليل ووتر النهار ولا تنقص في السفر وقيل هي صلاة العشاء لأنها بين الجهريتين الواقعتين في طرفي الليل وعن عائشة وابن عباس رضي الله عنهم أنه صلى الله عليه وسلم كان يقرأ والصلاة الوسطى وصلاة العصر فتكون حينئذ احدى الأربع قد خصت بالذكر مع العصر لانفرادها بالفضل وقرئ وعلى الصلاة الوسطى وقرئ بالنصب على المدح وقرئ الوسطى «وقوموا لله» أي في الصلاة «قانتين» ذاكرين له تعالى في القيام لأن القنوت هو الذكر فيه وقيل هو اكمال الطاعة واتمامها بغير اخلال بشيء من أركانها وقيل خاشعين وقال ابن المسيب المراد به القنوت في الصبح
(٢٣٥)