تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ١ - الصفحة ١٥٦
له البتة من غير صارف يلويه ولا عاطف يثنيه وللناس متعلق بحاعلك أي لأجل الناس أو بمحذوف وقع حالا من إماما إذ لو تأخر عنه لكان صفة له والإمام اسم لمن يؤتم به وكل نبي إمام لأمته وإمامته عليه السلام عامة مؤبدة إذ لم يبعث بعده نبي إلا كان من ذريته مأمورا باتباع ملته «قال» استئناف مبنى على سؤال مقدر كأنه قيل فماذا قال إبراهيم عليه السلام عنده فقيل قال «ومن ذريتي» عطف على الكاف ومن تبعيضية متعلقة بجاعل أي وجاعل بعض ذريتي كما تقول وزيدا لمن يقول سأكرمك أو بمحذوف أي واجعل فريقا من ذريتي إماما وتخصيص البعض بذلك لبداهة استحالة إمامه الكل وإن كانوا على الحق وقيل التقدير وماذا يكون من ذريتي والذرية نسل الرجل فعولة من ذروت أو ذريت والأصل ذرووة أو ذروية فاجتمع في الأولى واوان زائدة وأصلية فقلبت الأصلية ياء فصارت كالثانية فاجتمعت واو وياء وسبقت إحداهما بالسكون فقلبت الواو ياء وأدغمت الياء في الياء فصارت ذرية أو فعلية منهما والأصل في الولي ذريوة فقلبت الواو ياء لما سبق من اجتماعهما وسبق إحداهما بالسكون فصارت ذريية كالثانية فأدغمت الياء في مثلها فصارت ذرية أو فعيله من الذرء يمعنى الخلق والأصل ذريئة فخففت الهمزة بإبدالها ياء كهمزة خطيئة ثم أدغمت الياء الزائدة في المبدلة أو فعيلة من الذر بمعنى التفريق والأصل ذريرة قلبت الراء الأخيرة ياء لتوالى الأمثال كما في تسرى وتفضى وتظنى فأدغمت الياء في الياء كما مر أو فعولة منه والأصل ذرورة فقلبت الراء الأخيرة ياء فجاء الإدغام وقرئ بكسر الذال وهي لغة فيها وقرأ أبو جعفر المدني بالفتح وهي أيضا لغة فيها «قال» استئناف مبنى على سؤال ينساق إليه الذهن كما سبق «لا ينال عهدي الظالمين» ليس هذا ردا لدعوته عليه السلام بل إجابة خفية لها وعدة إجمالية منه تعالى بتشريف بعض ذريته عليه السلام بنيل عهد الإمامة حسبما وقع في استدعائه عليه السلام من غير تعيين لهم بوصف مميز لهم عن جميع من عداهم فإن التنصيص على حرمان الظالمين منه بمعزل من ذلك التمييز إذ ليس معناه أنه ينال كل من ليس بظالم منهم ضرورة استحالة ذلك كما أشير إليه ولعل إيثار هذه الطريقة على تعيين الجامعين لمبادئ الإمامة من ذريته إجمالا أو تفصيلا وإرسال الباقين لئلا ينتظم المقتدون بالأئمة من الأمة في سلك المحرومين وفي تفصيل كل فرقة من الإطناب مالا يخفى مع ما في هذه الطريقة من تخييب الكفرة الذين كانوا يتمنون النبوة وقطع أطماعهم الفارغة من نيلها وإنما أوثر النيل على الجعل إيماء إلى أن إمامة الأنبياء عليهم السلام من ذريته عليه السلام كإسماعيل وإسحق ويعقوب ويوسف وموسى وهارون وداود وسليمان وأيوب ويونس وزكريا ويحيى وعيسى وسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم تسليما كثيرا ليست بجعل مستقل بل هي حاصلة في ضمن إمامة إبراهيم عليه السلام تنال كلا منهم في وقت قدر الله عز وجل وقرئ الظالمون على أن عهدي مفعول قدم على الفاعل اهتماما ورعاية للفواصل وفيه دليل على عصمة الأنبياء عليهم السلام من الكبائر على الإطلاق وعدم صلاحية الظالم للإمامة وقوله تعالى «وإذ جعلنا البيت» أي الكعبة المعظمة غلب عليها غلبة النجم على الثريا معطوف
(١٥٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 151 152 153 154 155 156 157 158 159 160 161 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 مقدمة قاضي القضاة أبو السعود 3
2 (الجزء الأول) 1 - سورة الفاتحة 7
3 2 - سورة البقرة 20
4 تفسير قوله تعالى إن الله لا يستحي أن يضرب مثلا ما بعوضة فما فوقها 71
5 أتأمرون الناس بالبر و تنسون أنفسكم 97
6 وإذا استسقى موسى لقومه 105
7 أفتطمعون أن يؤمنوا لكم وقد كان فريق منهم يسمعون كلام الله يحرفونه من بعد ما عقلوه وهم يعلمون 116
8 ولقد جاءكم موسى بالبينات ثم اتخذتم العجل من بعده وأنتم ظالمون 130
9 ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها ألم تعلم أن الله على كل شئ قدير 142
10 وإذا ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن 154
11 (الجزء الثاني) سيقول السفهاء من الناس ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها 170
12 إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما 181
13 ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر 192
14 يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس والحج وليس البر بأن تأتوا البيوت من ظهورها 203
15 واذكروا الله في أيام معدودات 210
16 يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس و إثمهما أكبر من نفعهما 218
17 والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة 230
18 ألم تر إلى الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت 237
19 (الجزء الثالث) تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض 245
20 قول معروف ومغفرة خير من صدقة يتبعها أذى والله غني حميد 258
21 ليس عليك هداهم ولكن الله يهدي من يشاء 264
22 وإن كنتم على سفر ولم تجدوا كاتبا فرهان مقبوضة 271