السرياني والعربي الا يرى أن إبراهيم تفسيره أب راحم ولذلك جعل هو وزوجته سارة كافلين لأطفال المؤمنين الذين يموتون صغارا إلى يوم القيامة على ما روى البخاري في حديث الرؤيا أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى في الروضة إبراهيم عليه السلام وحوله أولاد الناس وهو مفعول مقدم لإضافة فاعله إلى ضميره والتعرض لعنوان الربوبية تشريف له عليه السلام وإيذان بأن ذلك الابتلاء تربية له وترشيح لأمر خطير والمعنى عامله سبحانه معاملة المختبر حيث كلفه أوامر ونواهي يظهر بحسن قيامه بحقوقها قدرته على الخروج عن عهدة الإمامة العظمى وتحمل أعباء الرسالة وهذه المعاملة وتذكيرها للناس لإرشادهم إلى طريق إتقان الأمور ببنائها على التجربة وللإيذان بأن بعثة النبي صلى الله عليه وسلم أيضا مبنية على تلك القاعدة الرصينة واقعة بعد ظهور استحقاقه عليه السلام للنبوة العاملة كيف لا وهي التي أجيب بها دعوة إبراهيم عليه السلام كما سيأتي واختلف في الكلمات فقال مجاهد هي المذكورة بعدها ورد بأنه يأباه الفاء في فأتمهن ثم الاستئناف وقال طاوس عن ابن عباس رضي الله عنهما هي عشر خصال كانت فرضا في شرعه وهن سنة في شرعنا خمس في الرأس المضمضة والاستنشاق وفرق الرأس وقص الشارب والسواك وخمس في البدن الختان وحلق العانة ونتف الإبط وتقليم الأظفار والاستنجاء بالماء وفي الخبر أن إبراهيم عليه السلام أول من قص الشارب وأول من اختتن وأول من قلم الأظفار وقال عكرمة عن ابن عباس لم يبتل أحد بهذا الدين فأقامه كله إلا إبراهيم ابتلاه الله تعالى بثلاثين خصلة من خصال الإسلام عشر منها في سورة براءة التائبون الخ وعشر في الأحزاب إن المسلمين والمسلمات الخ وعشر في المؤمنون وسأل سائل إلى قوله عز وجل والذين هم على صلاتهم يحافظون وقيل ابتلاه الله سبحانه بسبعة أشياء بالشمس والقمر والنجوم والاختتان على الكبر والنار وذبح الولد والهجرة فوفى بالكل وقيل هن محاجته قومه والصلاة والزكاة والصوم والضيافة والصبر عليها وقيل هي مناسك كالطواف والسعي والرمي والإحرام والتعريف وغيرهن وقيل هي قوله عليه السلام «الذي خلقني فهو يهدين» الآيات ثم قيل إنما وقع هذا الابتلاء قبل النبوة وهو الظاهر وقيل بعدها لأنه يقتضي سابقة الوحي وأجيب بأن مطلق الوحي لا يستلزم البعثة إلى الخلق وقرئ برفع إبراهيم ونصب ربه أي دعاه بكلمات من الدعاء فعل المختبر هل يجيبه إليهن أولا «فأتمهن» أي قام بهن حق القيام وأداهن أحسن التأدية من غير تفريط وتوان كما في قوله تعالى «وإبراهيم الذي وفى» وعلى القراءة الأخيرة فأعطاه الله تعالى ما سأله من غير نقص ويعضده ما روى عن مقاتل أنه فسر الكلمات بما سأل إبراهيم ربه بقوله رب اجعل الآيات وقوله عز وجل «قال» على تقدير انتصاب إذ بمضمر جملة مستأنفة وقعت جوابا عن سؤال نشأ من الكلام فإن الابتلاء تمهيد لأمر معظم وظهور فضيلة المبتلي من دواعي الإحسان اليه فبعد حكايتها تترقب النفس إلى ما وقع بعدهما كأنه قيل فماذا كان بعد ذلك فقيل قال «إني جاعلك للناس إماما» أو بيان لقوله تعالى ابتلى على رأي من جعل الكلمات عبارة عما ذكر أثره من الإمامة وتطهير البيت ورفع قواعده وغير ذلك وعلى تقدير انتصاب إذ بقال فالجملة معطوفة على ما قبلها عطف القصة على القصة والواو في المعنى داخلة على قال أي وقال ابتلى الخ والجعل بمعنى التصيير أحد مفعوليه الضمير والثاني إماما واسم الفاعل بمعنى المضارع وأوكد منه لدلالته على انه جاعل
(١٥٥)