تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ١ - الصفحة ١٤٥
الرسول صلى الله عليه وسلم حتى يشبه بمسئولية موسى عليه السلام فلعله أريد التشبيه فيهما معا ولكنه أوجز النظم فذكر في جانب المشبه السائلية وفي جانب المشبه به المسؤولية واكتفى بما ذكر في كل موضع عما ترك في الموضع الآخر كما ذكر في قوله تعالى «وإن يمسسك الله بضر فلا كاشف له إلا هو وإن يردك بخير فلا راد لفضله» وقد جوز ان تكون ما موصولة على أن العائد محذوف أي كالسؤال الذي سئله موسى عليه السلام وقوله تعالى «من قبل» متعلق بسئل جيء به للتأكيد وقرئ سيل بالياء وكسر السين وبتسهيل الهمزة بين بين «ومن يتبدل الكفر» أي يختر ويأخذه لنفسه «بالإيمان» بمقابلته بدلا منه وقرئ ومن يبدل من أبدل وكان مقتضى الظاهر أن يقال ومن يفعل ذلك أي السؤال المذكور أو إرادته وحاصله ومن يترك الثقة بالآيات البينة المنزلة بحسب المصالح التي من جملتها الآيات الناسخة التي هي خير محض وحق بحت واقترح غيرها «فقد ضل سواء السبيل» أي عدل وجار من حيث لا يدري عن الطريق المستقيم الموصل إلى معالم الحق والهدى وتاه في تيه الهوى وتردى في مهاوى الردى وإنما أوثر على ذلك ما عليه النظم الكريم للتصريح من أول الأمر بأنه كفر وارتداد وأن كونه كذلك أمر واضح غني عن الإخبارية بأن يقال ومن يفعل ذلك يكفر حقيق بأن يعد من المسلمات ويجعل مقدما للشرطية روما للمبالغة في الزجر والإفراط في الردع وسواء السبيل من باب إضافة الوصف إلى الموصوف لقصد المبالغة في بيان قوة الاتصاف كأنه نفس السواء على منهاج حصول الصورة في الصورة الحاصلة وقيل الخطاب لليهود حين سألوا أن ينزل الله عليهم كتابا من السماء وقيل للمشركين حين قالوا لن نؤمن لك حتى تفجر لنا من الأرض ينبوعا الخ فإضافة الرسول صلى الله عليه وسلم إليهم على القولين باعتبار أنهم من أمة الدعوة ومعنى تبدل الكفر بالإيمان وهم بمعزل من الإيمان ترك صرف قدرتهم إليه مع تمكنهم من ذلك وإيثارهم للكفر عليه «ود كثير من أهل الكتاب» هم رهط من أحبار اليهود روى ان فنحاص بن عازوراء وزيد بن قيس ونفرا من اليهود قالوا لحذيفة بن اليمان وعمار بن ياسر رضي الله عنهما بعد وقعة أحد ألم تروا ما أصابكم ولو كنتم على الحق ما هزمتم فارجعوا إلى ديننا فهو خير لكم وأفضل ونحن أهدى منكم سبيلا فقال عمار كيف نقض العهد فيكم قالوا شديد قال فإني عاهدت أن لا أكفر بمحمد عليه الصلاة والسلام ما عشت فقالت اليهود أما هذا فقد صبأ وقال حذيفة أما أنا فقد رضيت بالله ربا وبمحمد نبيا وبالإسلام دينا وبالقرآن إماما وبالكعبة قبلة وبالمؤمنين إخوانا ثم أتيا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخبراه فقال أصبتما خيرا وأفلحتما فنزلت «لو يردونكم» حكاية لو دادتهم ولو في معنى التمني وصيغة الغيبة كما في قوله حلف ليفعلن وقيل هي بمنزلة أن الناصبة فلا يكون لها جواب وينسبك منها ومما بعدها مصدر يقع مفعولا لودوا التقدير ودوا ردكم وقيل هي على حقيقتها وجوابها محذوف تقديره لو يردونكم كفارا لسروا بذلك و «من بعد إيمانكم»
(١٤٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 140 141 142 143 144 145 146 147 148 149 150 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 مقدمة قاضي القضاة أبو السعود 3
2 (الجزء الأول) 1 - سورة الفاتحة 7
3 2 - سورة البقرة 20
4 تفسير قوله تعالى إن الله لا يستحي أن يضرب مثلا ما بعوضة فما فوقها 71
5 أتأمرون الناس بالبر و تنسون أنفسكم 97
6 وإذا استسقى موسى لقومه 105
7 أفتطمعون أن يؤمنوا لكم وقد كان فريق منهم يسمعون كلام الله يحرفونه من بعد ما عقلوه وهم يعلمون 116
8 ولقد جاءكم موسى بالبينات ثم اتخذتم العجل من بعده وأنتم ظالمون 130
9 ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها ألم تعلم أن الله على كل شئ قدير 142
10 وإذا ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن 154
11 (الجزء الثاني) سيقول السفهاء من الناس ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها 170
12 إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما 181
13 ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر 192
14 يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس والحج وليس البر بأن تأتوا البيوت من ظهورها 203
15 واذكروا الله في أيام معدودات 210
16 يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس و إثمهما أكبر من نفعهما 218
17 والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة 230
18 ألم تر إلى الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت 237
19 (الجزء الثالث) تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض 245
20 قول معروف ومغفرة خير من صدقة يتبعها أذى والله غني حميد 258
21 ليس عليك هداهم ولكن الله يهدي من يشاء 264
22 وإن كنتم على سفر ولم تجدوا كاتبا فرهان مقبوضة 271