وقوله تعالى: (لواحة للبشر) قال ابن عباس وجمهور الناس معناه مغيرة للبشرات ومحرقة للجلود مسودة لها فالبشر جمع بشرة وقال الحسن وابن كيسان: (لواحة) بناء مبالغة من لاح يلوح إذا ظهر فالمعنى انها تظهر للناس وهم البشر من مسيرة خمسمائة عام وذلك لعظمها وهولها وزفيرها.
وقوله تعالى: (عليها تسعة عشر) لا خلاف بين العلماء انهم خزنة جهنم المحيطون بأمرها الذين إليهم جماع امر زبانيتها وروي ان قريشا لما سمعت هذا كثر لغطهم فيه وقالوا ولو كان هذا حقا فان هذا العدد قليل وقال أبو جهل هؤلاء تسعة عشرة وأنتم الدهم اي: الشجعان أفيعجز عشرة منا عن رجل منهم إلى غير هذا من أقوالهم السخيفة.
وقوله تعالى: (وما جعلنا أصحاب النار الا ملائكة) تبيين لفساد أقوال قريش اي انا جعلناهم خلقا لا قبل لاحد من الناس بهم وجعلنا عدتهم هذا القدر فتنة للكفار ليقع منهم من التعاطي والطمع في المبالغة ما وقع وليستيقن أهل الكتاب - التوراة والإنجيل - ان هذا القرآن من عند الله إذ هم يجدون هذه العدة في كتبهم المنزلة قال هذا المعنى ابن عباس وغيره وبورود الحقائق من عند الله عز وجل يزداد كل ذي ايمان ايمانا ويزول الريب عن المصدقين من أهل الكتاب ومن المؤمنين.
وقوله سبحانه: (وليقول الذين في قلوبهم مرض...) الآية نوع من الفتنة لهذا الصنف المنافق أو الكافر اي حاروا ولم يهتدوا لمقصد الحق فجعل بعضهم يستفهم بعضا عن مراد الله بهذا المثل استبعادا أن يكون هذا من عند الله قال الحسين بن الفضل السورة مكية ولم يكن بمكة نفاق وانما المرض في هذه الآية الاضطراب وضعف الايمان ثم قال تعالى: (وما يعلم جنود ربك الا هو) إعلاما بان الامر فوق ما يتوهم