وقوله تعالى: (وإنه كان رجال من الانس يعوذون / برجال من الجن...) الآية من القراء من كسر الهمزة من " انه " ومنهم من فتحها والكسر أوجه والمعنى في الآية ما كانت العرب تفعله في أسفارها من أن الرجل إذا أراد المبيت بواد صاح بأعلى صوته يا عزيز هذا الوادي اني أعوذ بك من السفهاء الذين في طاعتك ويعتقد بذلك ان الجني يحميه ويمنعه قال قتادة فكانت الجن تحتقر بني آدم وتزدريهم لو لما ترى من جهلهم فكانوا يزيدونهم مخافة ويتعرضون للتخيل لهم ويغوونهم في ارادتهم فهذا هو الرهق الذي زادته الجن بني آدم وقال مجاهد وغيره: بنو آدم هم الذين زادوا الجن رهقا وهي الجرأة والطغيان وقد فسر قوم الرهق بالإثم.
وقوله: (وانهم ظنوا) يريد به بني آدم.
وقوله: (كما ظننتم) مخاطبة لقومهم من الجن وقولهم: (أن لن يبعث الله أحدا) يحتمل معنيين: أحدهما بعث الحشر من القبور والآخر بعث آدمي رسولا وذكر المهدوي تأويلا ثالثا ان المعنى: وان الجن ظنوا كما ظننتم أيها الانس فهي مخاطبة من الله تعالى قال الثعلبي: وقيل إن قوله: (وأنه كان رجال من الانس...) الآية ابتداء اخبار من الله تعالى ليس هو من كلام الجن انتهى فهو وفاق لما ذكره المهدوي وقولهم: (وأنا لمسنا السماء) قال جمهور المتأولين معناه التمسنا والشهب كواكب الرجم والحرس يحتمل ان يريد الرمي بالشهب وكرر المعنى بلفظ مختلف ويحتمل ان يريد الملائكة و (مقاعد): جمع مقعد وقد تقدم بيان ذلك في سورة الحجر وقولهم:
(فمن يستمع الآن...) الآية قطع على أن كل من استمع الآن أحرقه شهاب [فليس هنا