بالسيف في وجهه على أنفه وقد حل ذلك به يوم بدر وقيل ذلك الوسم هو في الآخرة وقال قتادة وغيره: معناه سنفعل به في الدنيا من الذم له والمقت والاشتهار بالشر ما يبقى فيه ولا يخفى به فيكون ذلك كالوسم على الأنف.
وقوله سبحانه: (إنا بلوناهم) يريد: قريشا أي امتحناهم (وأصحاب الجنة) فيما ذكر كانوا إخوة وكان لأبيهم جنة وحرث يغتله وقال فكان يمسك منه قوته ويتصدق على المساكين بباقية وقيل بل كان يحمل المساكين معه في وقت حصاده وجذه فيجديهم منه فمات الشيخ فقال ولده نحن جماعة وفعل أبينا كان خطأ فلنذهب إلى جنتنا ولا يدخلنها علينا مسكين ولا نعطى منها شيئا قال فبيتوا أمرهم وعزمهم فبعث الله عليها طائفا من نار أو غير ذلك فاحترقت فقيل فأصبحت سوداء وقيل بيضاء كالزرع اليابس المحصود فلما أصبحوا إلى جنتهم لم يروها فحسبوا أنهم قد أخطئوا الطريق ثم تبينوها فعلموا أن الله أصابهم فيها فتابوا حينئذ وكانوا مؤمنين أهل كتاب فشبه الله قريشا بهم في أنه امتحنهم بالمصائب في دنياهم لعدم اتباعهم للنبي صلى الله عليه وسلم ثم التوبة معرضة لمن بقي منهم.
وقوله تعالى (ليصرمنها) أي ليجذنها و (مصبحين) معناه: داخلين في الصباح وقوله تعالى (ولا يستثنون) [أي: لا ينثنون] عن رأي منع المساكين وقال مجاهد معناه ولا يقولون إن شاء الله والصريم قال جماعة أراد به الليل من حيث اسودت جنتهم وقال ابن عباس الصريم: الرماد الأسود بلغة خزيمة وقولهم (إن كنتم صارمين) يحتمل أن يكون من صرام النخل ويحتمل أن يريد إن كنتم أهل عزم وإقدام على رأيكم من قولك سيف صارم و (يتخافتون): معناه يتكلمون كلاما خفيا وكان هذا التخافت خوفا من أن يشعر بهم المساكين وكان لفظهم الذي يتخافتون به (أن لا يدخلنها اليوم عليكم مسكين).