وقوله سبحانه: (قاتلكم الذين كفروا) يعني كفار قريش في تلك السنة.
(لولوا الأدبار ثم لا يجدون وليا ولا نصيرا).
وقوله: سنة الله أي: كسنة الله إشارة إلى وقعة بدر وقيل إشارة إلى عادة الله من نصر الأنبياء ونصب " سنة على المصدر.
وقوله تعالى (وهو الذي كف أيديهم عنكم...) الآية روي في سببها أن قريشا جمعت جماعة من فتيانها وجعلوهم مع عكرمة بن أبي جهل وخرجوا يطلبون غرة في عسكر النبي صلى الله عليه وسلم واختلف الناس في عدد هؤلاء اختلافا متفاوتا فلذلك اختصرته فلما أحس بهم المسلمون بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم في أثرهم خالد بن الوليد وسماه يومئذ سيف الله في جملة من الناس ففروا أمامهم حتى أدخلوهم بيوت مكة وأسروا منهم جملة فسيقوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فمن عليهم وأطلقهم قال الواحدي: وكان ذلك سبب الصلح بينهم انتهى.
وقوله سبحانه: (هم الذين كفروا) يعني أهل مكة (وصدوكم عن المسجد الحرام) أي منعوكم من العمرة وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج من المدينة إلى الحديبية في ذي القعدة سنة ست يريد العمرة وتعظيم البيت وخرج معه بمائة بدنة وقيل بسبعين فأجمعت قريش لحربه وغوروا المياه التي تقرب من مكة فجاء صلى الله عليه وسلم حتى نزل على بئر الحديبية وحينئذ وضع سهمه في الماء فجرى غمرا حتى كفى الجيش ثم بعث صلى الله عليه وسلم إليهم عثمان كما تقدم وبعثوا هم رجالا آخرهم سهيل بن عمرو وبه انعقد الصلح على أن ينصرف صلى الله عليه وسلم ويعتمر من قابل فهذا صدهم إياه وهو مستوعب في السير و (الهدي) معطوف على الضمير في " صدوكم " [أي] وصدوا الهدي و (معكوفا) حال ومعناه: محبوسا تقول عكفت الرجل عن حاجته إذا حبسته وحبس الهدي من قبل المشركين هو بصدهم ومن قبل المسلمين لرؤيتهم ونظرهم في أمرهم لأجل أن يبلغ الهدي محله وهو مكة والبيت وهذا هو حبس المسلمين وذكر تعالى العلة في أن صرف المسلمين ولم يمكنهم من دخول مكة في تلك الوجهة وهي أنه كان بمكة مؤمنون من رجال ونساء خفي إيمانهم فلو استباح المسلمون بيضتها أهلكوا أولئك المؤمنين قال قتادة: فدفع الله عن المشركين بأولئك