قوله تعالى: (ربنا إنك تعلم ما نخفى وما نعلن) أي، ليس يخفي عليك شئ من أحوالنا.
وقال ابن عباس ومقاتل: تعلم جميع ما أخفيه وما أعلنه من الوجد بإسماعيل وأمه حيث أسكنا بواد غير ذي زرع. (وما يخفي على الله من شئ في الأرض ولا في السماء) قيل:
هو من قول إبراهيم. وقيل: هو من قول الله تعالى لما قال إبراهيم: " ربنا إنك تعلم ما نخفي وما نعلن " قال الله: " وما يخفي على الله من شئ في الأرض ولا في السماء ".
(الحمد لله الذي وهب لي على الكبر) أي على كبر سني وسن امرأتي، قال ابن عباس:
ولد له إسماعيل وهو ابن تسع وتسعين سنة. وإسحاق وهو ابن مائة واثنتي عشرة سنة. وقال سعيد بن جبير: بشر إبراهيم بإسحاق بعد عشر ومائة سنة. (إن ربي لسميع الدعاء).
قوله تعالى: (رب اجعلني مقيم الصلاة) أي من الثابتين على الإسلام والتزام أحكامه.
(ومن ذريتي) أي واجعل من ذريتي من يقيمها. (ربنا وتقبل دعاء) أي عبادتي كما قال: " وقال ربكم ادعوني أستجب لكم " (1) [غافر: 60]. وقال عليه السلام: " الدعاء مخ العبادة " وقد تقدم في " البقرة " (2). (ربنا اغفر لي ولوالدي وللمؤمنين) قيل: استغفر إبراهيم لوالديه قبل أن يثبت عنده أنهما عدوان لله. قال القشيري: ولا يبعد أن تكون أمه مسلمة لأن الله ذكر عذره في استغفاره لأبيه دون أمه.
قلت: وعلى هذا قراءة سعيد بن جبير، " رب أغفر لي ولوالدي " يعني. أباه. وقيل:
استغفر لهما طمعا في إيمانهما. وقيل: استغفر لهما بشرط أن يسلما وقيل: أراد آدم وحواء. وقد روي أن العبد إذا قال: اللهم أغفر لي ولوالدي وكان أبواه قد ماتا كافرين انصرفت المغفرة إلى آدم وحواء لأنهما والدا الخلق أجمع. وقيل: إنه أراد ولديه إسماعيل وإسحاق. وكان إبراهيم النخعي يقرأ: " ولولدي " يعني ابنيه، وكذلك قرأ يحيى بن يعمر، ذكره الماوردي والنحاس. (وللمؤمنين) قال ابن عباس: من أمة محمد صلى الله عليه وسلم.
وقيل: " للمؤمنين " كلهم وهو أظهر. (يوم يقوم الحساب) أي يوم يقوم الناس للحساب.