قوله تعالى: (وإن تعجب فعجب قولهم) أي إن تعجب يا محمد من تكذيبهم لك بعد ما كنت عندهم الصادق الأمين فأعجب منه تكذيبهم بالبعث، والله تعالى لا يتعجب، ولا يجوز عليه التعجب، لأنه تغير النفس بما تخفى أسبابه (1)، وإنما ذكر ذلك ليتعجب منه نبيه والمؤمنون.
وقيل المعنى: أي إن عجبت يا محمد من إنكارهم الإعادة مع إقرارهم بأني خالق السماوات والأرض والثمار المختلفة من الأرض الواحدة فقولهم عجب يعجب منه الخلق، لأن الإعادة في معنى الابتداء. وقيل: الآية في منكري الصانع، أي إن تعجب من إنكارهم الصانع مع الأدلة الواضحة بأن المتغير لا بد له من مغير فهو محل التعجب، ونظم الآية يدل على الأول والثاني، لقوله: (أئذا كنا ترابا) أي أنبعث إذا كنا ترابا؟!. (أئنا لفي خلق جديد) وقرئ " إنا ". و (الأغلال) جمع غل، وهو طوق تشد به اليد إلى العنق، أي يغلون يوم القيامة، بدليل قوله: " إذ الأغلال في أعناقهم " (2) [غافر: 71] إلى قوله: " ثم في النار يسجرون " [غافر: 72]. وقيل:
الأغلال أعمالهم السيئة التي هي لازمة لهم.
قوله تعالى: ويستعجلونك بالسيئة قبل الحسنة وقد خلت من قبلهم المثلات وإن ربك لذو مغفرة للناس على ظلمهم وإن ربك لشديد العقاب (6) ويقول الذين كفروا لولا أنزل عليه آية من ربه إنما أنت منذر ولكل قوم هاد (7) قوله تعالى: (ويستعجلونك بالسيئة قبل الحسنة) أي لفرط إنكارهم وتكذيبهم يطلبون العذاب، قيل هو قولهم: " اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء " (3) [الأنفال: 32]. قال قتادة: طلبوا العقوبة قبل العافية، وقد حكم سبحانه بتأخير العقوبة عن هذه الأمة إلى يوم القيامة. وقيل: " قبل الحسنة " أي قبل الإيمان الذي يرجى به الأمان والحسنات. (والمثلات) العقوبات، الواحدة مثلة. ورى عن الأعمش أنه قرأ " المثلات " بضم الميم وإسكان الثاء، وهذا جمع مثلة، ويجوز