هي أيضا، وكان ذلك لطفا من الله بيوسف. و " حصحص الحق " أي تبين وظهر، وأصله حصص، فقيل: حصحص، كما قال: كبكبوا في كببوا، وكفكف في كفف، قال الزجاج وغيره. وأصل الحص استئصال الشئ، يقال: حص شعره إذا استأصله جزا، قال أبو القيس بن الأسلت:
قد حصت البيضة رأسي فما * أطعم نوما غير تهجاع (1) وسنة حصاء أي جرداء لا خير فيها، قال جرير:
يأوي إليكم بلا من ولا جحد * من ساقه السنة الحصاء والذيب كأنه أراد أن يقول: والضبع، وهي السنة المجدبة، فوضع الذئب موضعه لأجل القافية، فمعنى " حصحص الحق " أي انقطع عن الباطل، بظهوره وثباته (2)، قال:
ألا مبلغ عني خداشا فإنه * كذوب إذا ما حصحص الحق ظالم وقيل: هو مشتق من الحصة، فالمعنى: بانت حصة الحق من حصة الباطل. وقال مجاهد وقتادة: وأصله مأخوذ من قولهم، حص شعره إذا استأصل قطعه، ومنه الحصة (3) من الأرض إذا قطعت منها. والحصحص بالكسر التراب والحجارة، ذكره الجوهري. (أنا راودته عن نفسه وإنه لمن الصادقين) وهذا القول منها - وإن لم يكن سأل عنه - إظهار لتوبتها وتحقيق لصدق يوسف وكرامته، لأن إقرار المقر على نفسه أقوى من الشهادة عليه، فجمع الله تعالى ليوسف لإظهار صدقه الشهادة والإقرار، حتى لا يخامر نفسا ظن، ولا يخالطها شك.
وشددت النون في " خطبكن " و " راودتن " لأنها بمنزلة الميم والواو في المذكر.
قوله تعالى: ذلك ليعلم أنى لم أخنه بالغيب وأن الله لا يهدى كيد الخائنين (52) وما أبرى نفسي إن النفس لأمارة بالسوء إلا ما رحم ربى إن ربى غفور رحيم (53)