قوله تعالى: (وقال الملك ائتوني به) أي فذهب الرسول فأخبر الملك، فقال: ائتوني به. (فلما جاءه الرسول) أي يأمره بالخروج قال: (ارجع إلى ربك فاسأله ما بال النسوة) أي حال النسوة. (اللاتي قطعن أيديهن) فأبى أن يخرج إلا أن تصح براءته [عند] (1) الملك مما قذف به، وأنه حبس بلا جرم. وروى الترمذي عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن الكريم ابن الكريم ابن الكريم [ابن الكريم] (2) يوسف بن يعقوب بن إسحاق ابن إبراهيم - قال - ولو لبثت في السجن ما لبث ثم جاءني الرسول أجبت - ثم قرأ - " فلما جاءه الرسول قال ارجع إلى ربك فاسأله ما بال النسوة اللاتي قطعن أيديهن " - قال - ورحمة الله على لوط لقد كان يأوي إلى ركن شديد [إذ قال " لو أن لي بكم قوة أو آوي إلى ركن شديد] فما بعث الله من بعده نبيا إلا في ذروة من قومه ". وروى البخاري عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يرحم الله لوطا لقد كان يأوى إلى ركن شديد ولو لبثت في السجن ما لبث يوسف لأجبت الداعي ونحن أحق من إبراهيم إذ قال له " أو لم تؤمن قال بلى ولكني ليطمئن قلبي " [البقرة: 260] وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال " يرحم الله أخي يوسف لقد كان صابر حليما ولو لبثت في السجن ما لبثه أجبت الداعي ولم ألتمس العذر ". وروي نحو هذا الحديث من طريق (3) عبد الرحمن بن القاسم صاحب مالك، في كتاب التفسير من صحيح البخاري، وليس لابن القاسم في الديوان غيره.
وفي رواية الطبري " يرحم الله يوسف لو كنت أنا المحبوس ثم أرسل إلي لخرجت سريعا أن كان لحليما ذا أناة ". وقال صلى الله عليه وسلم: " لقد عجبت من يوسف وصبره وكرمه والله يغفر له حين سئل عن البقرات لو كنت مكانه لما أخبرتهم حتى اشترط أن يخرجوني ولقد عجبت منه حين آتاه الرسول ولو كنت مكانه لبادرتهم الباب ". قال ابن عطية:
كان هذا الفعل من يوسف عليه السلام أناة وصبرا، وطلبا لبراءة الساحة، وذلك أنه -