يوسف آية فيما خبروا به، لأنهم سألوا النبي صلى الله عليه وسلم وهو بمكة فقالوا: أخبرنا عن رجل من الأنبياء كان بالشام أخرج ابنه إلى مصر، فبكى عليه حتى عمي؟ - ولم يكن بمكة أحد من أهل الكتاب، ولا من يعرف خبر الأنبياء، وإنما وجه اليهود [إليهم] (1) من المدينة يسألونه عن هذا - فأنزل الله عز وجل سورة " يوسف " جملة واحدة، فيها كل ما في التوراة من خبر وزيادة، فكان ذلك آية للنبي صلى الله عليه وسلم، بمنزلة إحياء عيسى ابن مريم عليه السلام الميت. " آيات " (2) موعظة، وقيل: عبرة. وروي أنها في بعض المصاحف " عبرة ".
وقيل: بصيرة. وقيل: عجب، تقول فلان آية في العلم والحسن أي عجب. قال الثعلبي في تفسيره: لما بلغت الرؤيا إخوة يوسف حسدوه، وقال ابن زيد: كانوا أنبياء، وقالوا:
ما يرضى أن يسجد له إخوته حتى يسجد له أبواه! فبغوه بالعداوة، وقد تقدم رد هذا القول.
قال الله تعالى: (لقد كان في يوسف وإخوته) وأسماؤهم: روبيل وهو أكبرهم، وشمعون ولاوي ويهوذا وزيالون ويشجر، وأمهم ليا بنت ليان، وهي بنت خال يعقوب، وولد له من سريتين أربعة نفر، دان ونفتالي وجاد وآشر، ثم توفيت ليا فتزوج يعقوب أختها راحيل، فولدت له يوسف وبنيامين، فكان بنو يعقوب اثني عشر رجلا. قال السهيلي: وأم يعقوب اسمها رفقا، وراحيل ماتت في نفاس بنيامين، وليان بن ناهر بن آزر هو خال يعقوب.
وقيل: في اسم الأمتين ليا وتلتا، كانت إحداهما لراحيل، والأخرى لأختها ليا، وكانتا قد وهبتاهما ليعقوب، وكان يعقوب قد جمع بينهما، ولم يحل لأحد بعده، لقول الله تعالى:
" وأن تجمعوا بين الأختين إلا ما قد سلف " (3) [النساء: 23]. وقد تقدم الرد على ما قاله ابن زيد، والحمد لله.
قوله تعالى: (إذ قالوا ليوسف) " يوسف " رفع بالابتداء، واللام للتأكيد، وهي التي يتلقى بها القسم، أي والله ليوسف. (وأخوه) عطف عليه. (أحب إلى أبينا منا) خبره، ولا يثنى ولا يجمع لأنه بمعنى الفعل، وإنما قالوا هذا لأن خبر المنام بلغهم فتآمروا في كيده. (ونحن عصبة) أي جماعة، وكانوا عشرة. والعصبة ما بين الواحد إلى العشرة، وقيل: إلى الخمسة عشر. وقيل: ما بين الأربعين إلى العشرة، ولا واحد لها من لفظها كالنفر