الثامنة - واختلف العلماء هل كان هذا السجن حدا أو توعدا بالحد على قولين:
أحدهما - أنه توعد بالحد، والثاني - أنه حد، قاله ابن عباس والحسن. زاد ابن زيد:
وأنهم منعوا من النكاح حتى يموتوا عقوبة لهم حين طلبوا النكاح من غير وجهه. وهذا يدل على أنه كان حدا بل أشد، غير أن ذلك الحكم كان ممدودا (1) إلى غاية وهو الأذى في الآية الأخرى، على اختلاف التأويلين في أيهما قبل، وكلاهما ممدود إلى غاية وهي قوله عليه السلام في حديث عبادة بن الصامت: (خذوا عني خذوا عني قد جعل الله لهن سبيلا البكر بالبكر جلد مائة وتغريب عام والثيب بالثيب جلد مائة والرجم). وهذا نحو قوله تعالى:
(ثم أتموا الصيام إلى الليل (2)) فإذا جاء الليل ارتفع حكم الصيام لانتهاء غايته لا لنسخه هذا قول المحققين المتأخرين من الأصوليين، فإن النسخ إنما يكون في القولين المتعارضين من كل وجه اللذين لا يمكن الجمع بينهما، والجمع ممكن بين الحبس والتعيير (3) والجلد والرجم، وقد قال بعض العلماء: أن الأذى والتعيير (3) باق مع الجلد، لأنهما لا يتعارضان بل يحملان على شخص واحد. وأما الحبس فمنسوخ بإجماع، وإطلاق المتقدمين النسخ على مثل هذا تجوز. والله أعلم.
قوله تعالى: والذان يأتيانها منكم فآذوهما فان تابا وأصلحا فأعرضوا عنهما ان الله كان توابا رحيما (16) فيه سبع مسائل:
الأولى - قوله تعالى: (واللذان) (اللذان) تثنية الذي، وكان القياس أن يقال:
اللذيان كرحيان ومصطفيان وشجيان. قال سيبويه: حذفت الياء ليفرق بين الأسماء المتمكنة والأسماء المبهمات. وقال أبو علي: حذفت الياء تخفيفا، إذ قد أمن اللبس في اللذان، لان النون لا تنحذف، ونون التثنية في الأسماء المتمكنة قد تنحذف مع الإضافة في رحياك ومصطفيا القوم، فلو حذفت الياء لاشتبه المفرد بالاثنين. وقرأ ابن كثير (اللذان) بتشديد