دخل فيه [فعل (1)] كل ما نهى الله عنه من خصاء ووشم وغير ذلك من المعاصي، لان الشيطان يدعو إلى جميع المعاصي، أي فليغيرن ما خلق الله في دينه. وقال مجاهد أيضا: (فليغيرن خلق الله) فطرة الله التي فطر الناس عليها، يعني أنهم ولدوا على الاسلام فأمرهم الشيطان بتغييره، وهو معنى قوله عليه السلام: (كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه وينصرانه ويمجسانه). فيرجع معنى الخلق إلى ما أوجده فيهم يوم الذر من الايمان به في قوله تعالى:
(ألست بربكم قالوا بلى (2)). قال ابن العربي: روي عن طاوس أنه كان لا يحضر نكاح سوداء بأبيض ولا بيضاء بأسود، ويقول: هذا من قول الله (فليغيرن خلق الله). قال القاضي: وهذا وإن كان يحتمله اللفظ فهو مخصوص بما أنفذه النبي صلى الله عليه وسلم من نكاح مولاه زيد وكان أبيض، بظئره بركة الحبشية أم أسامة وكان أسود من أبيض، وهذا مما خفي على طاوس مع علمه.
قلت: ثم أنكح أسامة فاطمة بنت قيس وكانت بيضاء قرشية. وقد كانت تحت بلال أخت عبد الرحمن بن عوف زهرية. وهذا أيضا يخص، وقد خفي عليهما (3).
قوله تعالى: يعدهم ويمنيهم وما يعدهم الشيطان الا غرورا (120) أولئك مأواهم جهنم ولا يجدون عنها محيصا (121) والذين آمنوا وعملوا الصالحات سند خلهم جنات تجرى من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا وعد الله حقا ومن أصدق من الله قيلا (122) قوله تعالى: (يعدهم) المعنى يعدهم أباطيله وترهاته من المال والجاه والرياسة، وأن لا بعث ولا عقاب، ويوهمهم الفقر حتى لا ينفقوا في الخير (ويمنيهم) كذلك (وما يعدهم الشيطان الا غرورا) أي خديعة. قال ابن عرفة: الغرور ما رأيت له ظاهرا تحبه وفيه