بالعين. وفي الكلام إضمار، أي بما أراكه الله، وفيه إضمار آخر، وامض الاحكام على ما عرفناك من غير اغترار باستدلالهم (1).
الثالثة - قوله تعالى: (ولا تكن للخائنين خصيما) اسم فاعل، كقولك: جالسته فأنا جليسه، ولا يكون فعيلا هنا بمعنى مفعول، يدل على ذلك (ولا تجادل) فالخصيم هو المجادل وجمع الخصيم خصماء. وقيل: خصيما مخاصما اسم فاعل أيضا. فنهى الله عز وجل رسوله عن عضد أهل التهم والدفاع عنهم بما يقوله خصمهم من الحجة. وفي هذا دليل على أن النيابة عن المبطل والمتهم في الخصومة لا تجوز. فلا يجوز لاحد أن يخاصم عن أحد إلا بعد أن يعلم أنه محق. ومشى الكلام في السورة على حفظ أموال اليتامى والناس، فبين أن مال الكافر محفوظ عليه كمال المسلم، إلا في الموضع الذي أباحه الله تعالى.
المسألة الرابعة - قال العلماء: ولا ينبغي إذا ظهر للمسلمين نفاق قوم أن يجادل فريق منهم فريقا عنهم ليحموهم ويدفعوا عنهم، فإن هذا قد وقع على عهد النبي صلى الله عليه وسلم وفيهم نزل قوله تعالى: (ولا تكن للخائنين خصيما) وقوله: (ولا تجادل عن الذين يختانون أنفسهم). والخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم والمراد منه الذين كانوا يفعلونه من المسلمين دونه لوجهين: أحدهما - أنه تعالى أبان ذلك بما ذكره بعد بقوله: (ها أنتم هؤلاء جادلتم عنهم في الحياة الدنيا). والآخر - أن النبي صلى الله عليه وسلم كان حكما فيما بينهم، ولذلك كان يعتذر إليه ولا يعتذر هو إلى غيره، فدل على أن القصد لغيره.
قوله تعالى: واستغفر الله ان الله كان غفورا رحيما (106) فيه مسألة واحدة:
ذهب الطبري إلى أن المعنى: استغفر الله من ذنبك في خصامك للخائنين، فأمره بالاستغفار لما هم بالدفع عنهم وقطع يد اليهودي. وهذا مذهب من جوز الصغائر على الأنبياء، صلوات الله عليهم. قال ابن عطية: وهذا ليس بذنب، لان النبي صلى الله عليه وسلم إنما دافع على