قلت: قوله (وأراد طلب المنزلة والظهور لقبول. الشهادة) فيه نظر. وقد تقدم بيانه في (النساء (1)) فتأمله هناك. ودلت هذه الآية على أن الرياء يدخل الفرض والنفل، لقول الله تعالى: (وإذا قاموا إلى الصلاة قاموا) فعم. وقال قوم: إنما يدخل النفل خاصة، لان الفرض واجب على جميع الناس والنفل عرضة لذلك. وقيل بالعكس، لأنه لو لم يأت بالنوافل لم يؤاخذ بها.
قوله تعالى: مذبذبين ذلك لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء ومن يضلل الله فلن تجد له سبيلا (143) المذبذب: المتردد بين أمرين، والذبذبة الاضطراب. يقال: ذبذبته فتذبذب، ومنه قول النابغة:
ألم تر أن الله أعطاك سورة * ترى كل ملك دونها يتذبذب آخر:
خيال لام السلسبيل ودونها * مسيرة شهر للبريد المذبذب كذا روي بكسر الذال الثانية. قال ابن جني: أي المهتز (2) القلق الذي لا يثبت ولا يتمهل.
فهؤلاء المنافقون مترددون بين المؤمنين والمشركين، لا مخلصين الايمان ولا مصرحين بالكفر.
وفي صحيح مسلم من حديث ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم: (مثل المنافق كمثل الشاة العائرة (3) بين الغنمين تعير إلى هذه مرة وإلى هذه أخرى) وفي رواية (تكر) بدل (تعير).
وقرأ الجمهور (مذبذبين) بضم الميم وفتح الذالين. وقرأ ابن عباس بكسر الذال الثانية.
وفي حرف أبي (متذبذبين). ويجوز الادغام على هذه القراءة (مذبذبين) بتشديد الذال الأولى وكسر الثانية. وعن الحسن (مذبذبين) بفتح الميم والذالين.