الثانية - ابن العربي: ونزع علماؤنا بهذه الآية في الاحتجاج على أن الكافر لا يملك العبد المسلم. وبه قال أشهب والشافعي: لان الله سبحانه نفى السبيل للكافر عليه، [والملك (1)] بالشراء سبيل، فلا يشرع له ولا ينعقد العقد بذلك. وقال ابن القاسم عن مالك، وهو قول أبي حنيفة: إن معنى (ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا) في دوام الملك، لأنا نجد الابتداء يكون له [عليه (1)] وذلك بالإرث. وصورته أن يسلم عبد كافر في يد كافر فيلزم القضاء عليه ببيعه، فقبل الحكم عليه ببيعه مات، فيرث العبد المسلم [وارث (2)] الكافر. فهده سبيل قد ثبت (3) قهرا لا قصد فيه، وإن ملك الشراء ثبت بقصد النية، فقد أراد الكافر تملكه باختياره، فإن حكم بعقد بيعه وثبوت ملكه فقد حقق فيه قصده، وجعل له سبيل عليه.
قال أبو عمر: وقد أجمع المسلمون على أن عتق النصراني أو اليهودي لعبده المسلم صحيح نافذ عليه.
وأجمعوا أنه إذا أسلم عبد الكافر فبيع عليه أن ثمنه يدفع إليه. فدل على أنه على ملكه بيع وعلى ملكه ثبت العتق له، إلا أنه ملك غير مستقر لوجوب بيعه عليه، وذلك والله أعلم لقول الله عز وجل: (ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا) يريد الاسترقاق والملك والعبودية ملكا مستقرا دائما.
واختلف العلماء في شراء العبد الكافر العبد المسلم على قولين: أحدهما - البيع مفسوخ.
والثاني - البيع صحيح ويباع على المشتري.
الثالثة - واختلف العلماء أيضا من هذا الباب في رجل نصراني دبر عبدا له نصرانيا فأسلم العبد، فقال مالك والشافعي في أحد قوليه: يحال بينه وبين العبد، ويخارج على سيده النصراني، ولا يباع عليه حتى يتبين أمره. فإن هلك النصراني وعليه دين قضي دينه من ثمن العبد المدبر، إلا أن يكون في ماله ما يحمل المدبر فيعتق المدبر. وقال الشافعي في القول الآخر: إنه يباع عليه ساعة أسلم، واختاره المزني، لان المدبر وصية ولا يجوز ترك مسلم