وما كان هنيئا، ولقد هنؤ، والمصدر الهن ء. وكل ما لم يأت بمشقة ولا عناء فهو هنئ. وهنئ اسم فاعل من هنؤ كظريف من ظرف. وهنئ يهنأ فهو هنئ على فعل كزمن. وهنأني الطعام ومرأني على الاتباع، فإذا لم يذكر (هنأني) قلت: أمرأني الطعام بالألف، أي انهضم.
قال أبو علي: وهذا كما جاء في الحديث (ارجعن مأزورات غير مأجورات). فقلبوا الواو من (موزورات) ألفا اتباعا للفظ مأجورات. وقال أبو العباس عن ابن الأعرابي: يقال هنئ وهنأني ومرأني وأمرأني ولا يقال مرئني، حكاه الهروي. وحكى القشيري أنه يقال:
هنئني ومرئني بالكسر يهنأني ويمرأني، وهو قليل. وقيل: (هنيئا) لا إثم فيه، و (مريئا) لا داء فيه. قال كثير:
هنيئا مريئا غير داء مخامر * لعزة من أعراضنا ما استحلت ودخل رجل على علقمة وهو يأكل شيئا وهبته امرأته من مهرها فقال له: كل من الهنئ المرئ. وقيل: الهنئ الطيب المساغ الذي لا ينغصه شئ، والمرئ المحمود العاقبة، التام الهضم الذي لا يضر ولا يؤذي. يقول: لا تخافون في الدنيا به مطالبة، ولا في الآخرة تبعة. يدل عليه ما روى ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه سئل عن هذه الآية (فإن طبن لكم عن شئ منه نفسا فكلوه) فقال: (إذا جادت لزوجها بالعطية طائعة غير مكرهة لا يقضي به عليكم سلطان، ولا يؤاخذكم الله تعالى به في الآخرة) وروي عن علي ابن أبي طالب رضي الله عنه قال: (إذا اشتكى أحدكم شيئا فليسأل امرأته درهما (1) من صداقها، ثم ليشتر به عسلا فليشربه بماء السماء، فيجمع الله عز وجل له الهنئ والمرئ والماء المبارك.
والله أعلم.
قوله تعالى: ولا تؤتوا السفهاء أموالكم التي جعل الله لكم قياما وارزقوهم فيها واكسوهم وقولوا معروفا (5) فيه عشر مسائل:
الأولى - لما أمر الله تعالى بدفع أموال اليتامى إليهم في قوله: (وآتوا اليتامى أموالهم) وإيصال الصدقات إلى الزوجات، بين أن السفيه وغير البالغ لا يجوز دفع ماله إليه. فدلت