فكلما تزوج امرأة صرف وجوه القبيلتين إلى نفسه فتكون عونا له على أعدائه. ويقال:
إن كل من كان أتقى فشهوته أشد، لان الذي لا يكون تقيا فإنما يتفرج بالنظر والمس، ألا ترى ما روى في الخبر: (العينان تزنيان واليد ان تزنيان). فإذا كان في النظر والمس نوع من قضاء الشهوة قل الجماع، والمتقي لا ينظر ولا يمس فتكون الشهوة مجتمعة في نفسه فيكون أكثر جماعا. وقال أبو بكر الوراق: كل شهوة تقسي القلب إلا الجماع فإنه يصفي القلب، ولهذا كان الأنبياء يفعلون ذلك.
الرابعة - قوله تعالى: (فمنهم من آمن به) يعني بالنبي صلى الله عليه وسلم لأنه تقدم ذكره وهو المحسود. (ومنهم من صد عنه) أعرض فلم يؤمن به. وقيل: الضمير في (به) راجع إلى إبراهيم. والمعنى: فمن آل إبراهيم من آمن به ومنهم من صد عنه.
وقيل: يرجع إلى الكتاب. والله أعلم.
قوله تعالى: ان الذين كفروا بآياتنا سوف نصليهم نارا كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلودا غيرها ليذوقوا العذاب ان الله كان عزيزا حكيما (56) والذين آمنوا وعملوا الصالحات سند خلهم جنات تجرى من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا لهم فيها أزواج مطهرة وندخلهم ظلا ظليلا (57) قد تقدم معنى الاصلاء أول السورة (1). وقرأ حميد بن قيس (نصليهم) بفتح النون أي نشويهم. يقال: شاة مصلية. ونصب (نارا) على هذه القراءة بنزع الخافض تقديره بنار. (كلما نضجت جلودهم) يقال: نضج الشئ نضجا (2) ونضجا، وفلان نضيج الرأي محكمه. والمعنى في الآية: تبدل الجلود جلودا أخر. فإن قال من يطعن في القرآن من الزنادقة: كيف جاز أن يعذب جلدا لم يعصه؟ قيل له: ليس الجلد بمعذب ولا معاقب،