أهل العلم أنه يبدأ بالدين قبل الوصية. وروى الدارقطني من حديث عاصم بن ضمرة عن علي قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الدين قبل الوصية وليس لوارث وصية).
رواه عنهما أبو إسحاق الهمداني. فالجواب من أوجه خمسة: الأول - إنما قصد تقديم هذين الفصلين على الميراث ولم يقصد ترتيبهما في أنفسهما، فلذلك تقدمت الوصية في اللفظ.
جواب ثان - لما كانت الوصية أقل لزوما من الدين قدمها اهتماما بها، كما قال تعالى:
(لا يغادر صغيرة ولا كبيرة (1)). جواب ثالث - قدمها لكثرة وجودها ووقوعها، فصارت كاللازم لكل ميت مع نص الشرع عليها، وأخر الدين لشذوذه، فإنه قد يكون وقد لا يكون.
فبدأ بذكر الذي لا بد منه، وعطف بالذي قد يقع أحيانا. ويقوى هذا: العطف بأو، ولو كان الدين راتبا لكان العطف بالواو. جواب رابع - إنما قدمت الوصية إذ هي حظ مساكين وضعفاء، وأخر الدين إذ هو حظ غريم يطلبه بقوة وسلطان وله فيه مقال.
جواب خامس - لما كانت الوصية ينشئها (2) من قبل نفسه قدمها، والدين ثابت مؤدى ذكره أو لم يذكره.
الثانية والعشرون - ولما ثبت هذا تعلق الشافعي بذلك في تقديم دين الزكاة والحج على الميراث فقال: ان الرجل إذا فرط في زكاته وجب أخذ ذلك من رأس ماله. وهذا ظاهر ببادئ الرأي، لأنه حق من الحقوق فيلزم أداؤه عنه بعد الموت كحقوق الآدميين لا سيما والزكاة مصرفها إلى الآدمي. وقال أبو حنيفة ومالك: إن أوصى بها أديت من ثلثه، وإن سكت عنها لم يخرج عنه شئ. قالوا: لان ذلك موجب لترك الورثة فقراء، إلا أنه قد يتعمد ترك الكل حتى إذا مات استغرق ذلك جميع ماله فلا يبقى للورثة حق.
الثالثة والعشرون - قوله تعالى: (آباؤكم وأبناؤكم) رفع بالابتداء والخبر مضمر، تقديره: هم المقسوم عليهم وهم المعطون.
الرابعة والعشرون - قوله تعالى: (لا تدرون أيهم أقرب لكم نفعا) قيل: في الدنيا بالدعاء والصدقة، كما جاء في الأثر (إن الرجل ليرفع بدعاء ولده من بعده). وفي الحديث الصحيح