إذا شهد أربعة أنهم رأوا ذكره في فرجها مثل الميل في المكحلة رجما. قال: (فما يمنعكما أن ترجموهما)، قالا: ذهب سلطاننا فكرهنا القتل، فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالشهود، فجاءوا فشهدوا أنهم رأوا ذكره في فرجها مثل الميل في المكحلة، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم برجمهما. وقال قوم: إنما كان الشهود في الزنا أربعة ليترتب شاهدان على كل واحد من الزانيين كسائر الحقوق، إذ هو حق يؤخذ من كل واحد منهما، وهذا ضعيف، فإن اليمين تدخل في الأموال واللوث (1) في القسامة ولا مدخل لواحد منهما هنا.
السادسة - ولا بد أن يكون الشهود ذكورا، لقوله: (منكم) ولا خلاف فيه بين الأمة. وأن يكونوا عدولا، لان الله تعالى شرط العدالة في البيوع والرجعة وهذا أعظم، وهو بذلك أولى. وهذا من حمل المطلق على المقيد بالدليل، على ما هو مذكور في أصول الفقه. ولا يكونون ذمة (2)، وإن كان الحكم على ذمية، وسيأتي ذلك في (المائدة (3)) وتعلق أبو حنيفة بقوله: (أربعة منكم) في أن الزوج إذا كان أحد الشهود في القذف لم يلاعن. وسيأتي بيانه في (النور (4)) إن شاء الله تعالى.
السابعة - قوله تعالى: (فان شهدوا فأمسكوهن في البيوت) هذه أول عقوبات (5) الزناة، وكان هذا في ابتداء الاسلام، قاله عبادة بن الصامت والحسن ومجاهد حتى نسخ بالأذى الذي بعده، ثم نسخ ذلك بأية (النور) وبالرجم في الثيب. وقالت فرقة: بل كان الايذاء هو الأول ثم نسخ بالامساك، ولكن التلاوة أخرت وقدمت، ذكره ابن فورك، وهذا الامساك والحبس في البيوت كان في صدر الاسلام قبل أن يكثر الجناة، فلما كثروا وخشي قوتهم اتخذلهم سجن، قاله ابن العربي.