الله فيصيبون الغنيمة إلا تعجلوا ثلثي أجرهم من الآخرة ويبقى لهم الثلث وإن لم يصيبوا غنيمة تم لهم أجرهم). فقوله: (نائلا ما نال من أجر أو غنيمة) يقتضي أن لمن يستشهد من المجاهدين أحد الامرين، إما الاجر إن لم يغنم، وإما الغنيمة ولا أجر، بخلاف حديث عبد الله ابن عمرو، ولما كان هذا قال قوم: حديث عبد الله بن عمرو ليس بشئ، لان في إسناده حميد بن هانئ وليس بمشهور، ورجحوا الحديث الأول عليه لشهرته. وقال آخرون: ليس بينهما تعارض ولا اختلاف. و (أو) في حديث أبي هريرة بمعنى الواو، كما يقول الكوفيون وقد دلت عليه رواية أبي داود فإنه قال فيه: (من أجر وغنيمة) بالوا والجامعة. وقد رواه بعض رواة مسلم بالواو الجامعة أيضا. وحميد بن هانئ مصري سمع أبا عبد الرحمن الحبلى وعمرو ابن مالك، وروى عنه حياة بن شريح وابن وهب، فالحديث الأول محمول على مجرد النية والاخلاص في الجهاد، فذلك الذي ضمن الله له إما الشهادة، وإما رده إلى أهله مأجورا غانما، ويحمل الثاني على ما إذا نوى الجهاد ولكن مع نيل المغنم، فلما انقسمت نيته انحط أجره، فقد دلت السنة على أن للغانم أجرا كما دل عليه الكتاب فلا تعارض. ثم قيل: إن نقص أجر الغانم على من يغنم إنما هو بما فتح الله عليه من الدنيا فتمتع به وأزال عن نفسه شظف عيشه، ومن أخفق فلم يصب شيئا بقي على شظف عيشه والصبر على حالته، فبقي أجره موفرا بخلاف الأول. ومثله قوله في الحديث الآخر: (فمنا من مات لم يأكل من أجره شيئا - منهم مصعب ابن عمير - ومنا من أينعت له تمرته فهو يهد بها (1)).
قوله تعالى: وما لكم لا تقاتلون في سبيل الله والمستضعفين من الرجل والنساء والولدان الذين يقولون ربنا أخرجنا من هذه القرية الظالم أهلها واجعل لنا من لدنك وليا واجعل لنا من لدنك نصيرا (75)