أيضا في الجاهلية وبدء الاسلام بالمحالفة، قال الله عز وجل: (والذين عقدت أيمانكم) على ما يأتي بيانه (1). ثم صارت بعد المحالفة بالهجرة، قال الله تعالى: [والذين آمنوا ولم يهاجروا ما لكم من ولايتهم من شئ حتى يهاجروا (2)] وسيأتي. وهناك يأتي القول في ذوي الأرحام وميراثهم، إن شاء الله تعالى. وسيأتي في سورة (النور (3)) ميراث ابن (4) الملاعنة وولد الزنا والمكاتب بحول الله تعالى. والجمهور من العلماء على أن الأسير المعلوم حياته أن ميراثه ثابت، لأنه داخل في جملة المسلمين الذين أحكام الاسلام جارية عليهم. وقد روي عن سعيد بن المسيب أنه قال في الأسير في يد العدو: لا يرث. وقد تقدم ميراث المرتد في سورة (البقرة (5)) والحمد لله.
الحادية والثلاثون - قوله تعالى: (غير مضار) نصب على الحال والعامل (يوصي).
أي يوصي بها غير مضار، أي غير مدخل الضرر على الورثة. أي لا ينبغي أن يوصي بدين ليس عليه ليضر بالورثة، ولا يقر بدين. فالاضرار راجع إلى الوصية والدين، أما رجوعه إلى الوصية فبأن يزيد على الثلث أو يوصي لوارث، فإن زاد فإنه يرد، إلا أن يجيزه الورثة، لان المنع لحقوقهم لا لحق الله تعالى. وإن أوصى لوارث فإنه يرجع ميراثا. وأجمع العلماء على أن الوصية للوارث لا تجوز. وقد تقدم هذا في (البقرة (6)). وأما رجوعه إلى الدين فبالاقرار في حالة لا يجوز له فيها، كما لو أقر في مرضه لوارثه أو لصديق ملاطف، فإن ذلك لا يجوز عندنا.
وروي عن الحسن أنه قرأ (غير مضار وصية من الله) على الإضافة. قال النحاس: وقد زعم بعض أهل اللغة أن هذا لحن، لان اسم الفاعل لا يضاف إلى المصدر. والقراءة حسنة على حذف، والمعنى: غير مضار ذي وصية، أي غير مضار بها ورثته في ميراثهم. وأجمع العلماء على أن إقراره بدين لغير وارث حال المرض جائز إذا لم يكن عليه دين في الصحة.
الثانية والثلاثون - فإن كان عليه دين في الصحة ببينة وأقر لأجنبي بدين، فقالت طائفة: يبدأ بدين الصحة، هذا قول النخعي والكوفيين (7). قالوا: فإذا استوفاه صاحبه