فلما خرجا قال المنافق: لا أرضى، انطلق بنا إلى أبي بكر، فحكم لليهودي فلم يرض - ذكره الزجاج - وقال: أنطلق بنا إلى عمر فأقبلا على عمر فقال اليهودي: إنا صرنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم إلى أبي بكر فلم يرض، فقال عمر للمنافق: أكذلك هو؟ قال: نعم.
قال: رويد كما حتى أخرج إليكما. فدخل وأخذ السيف ثم ضرب به المنافق حتى برد (1)، وقال: هكذا أقضي على من لم يرض بقضاء الله وقضاء رسوله، وهرب اليهودي، ونزلت الآية، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أنت الفاروق). ونزل جبريل وقال:
إن عمر فرق بين الحق والباطل، فسمي الفاروق. وفي ذلك نزلت الآيات كلها إلى قوله:
(ويسلموا تسليما) النساء: وانتصب: (ضلالا) على المعنى، أي فيضلون ضلالا، ومثله قوله تعالى: (والله أنبتكم الأرض نباتا (2)). وقد تقدم هذا المعنى مستوفى (3). و (صدودا) اسم للمصدر عند الخليل، والمصدر الصد. والكوفيون يقولون: هما مصدران.
قوله تعالى: فكيف إذا أصابتهم مصيبة بما قدمت أيديهم ثم جاءوك يحلفون بالله ان أردنا الا احسانا وتوفيقا (62) أولئك الذين يعلم الله ما في قلوبهم فأعرض عنهم وعظهم وقل لهم في أنفسهم قولا بليغا (63) أي (فكيف) يكون حالهم، أو (فكيف) يصنعون (إذا أصابتهم مصيبة) أي من ترك بهم، وما يلحقهم من الذل في قوله: (فقل لن تخرجوا معي أبدا ولن تقاتلوا معي عدوا (4)). وقيل: يريد قتل صاحبهم (بما قدمت أيديهم) وتم الكلام.
ثم ابتدأ يخبر عن فعلهم، وذلك أن عمر لما قتل صاحبهم جاء قومه يطلبون ديته ويحلفون ما نريد بطلب ديته إلا الاحسان وموافقة الحق. وقيل: المعنى ما أردنا بالعدول عنك في المحاكمة إلا التوفيق بين الخصوم، والاحسان بالتقريب في الحكم. ابن كيسان: عدلا