فأصحاب الاقرار في (1) المرض يتحاصون. وقالت طائفة: هما سواء إذا كان لغير وارث.
هذا قول الشافعي وأبي ثور وأبي عبيد، وذكر أبو عبيد إنه قول أهل المدينة ورواه عن الحسن.
الثالثة والثلاثون - قد مضى في (البقرة (2)) الوعيد في الاضرار في الوصية ووجوهها.
وقد روى أبو داود من حديث شهر بن حوشب (وهو مطعون فيه) عن أبي هريرة حدثه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إن الرجل أو المرأة ليعمل بطاعة الله ستين سنه ثم يحضرهما الموت فيضار ان في الوصية فتجب لهما النار). قال: وقرأ علي أبو هريرة من هاهنا (من بعد وصية يوصي بها أو دين غير مضار) حتى بلغ (ذلك الفوز العظيم).
وقال ابن عباس: الاضرار في الوصية من الكبائر، ورواه عن النبي صلى الله عليه وسلم، إلا أن مشهور مذهب مالك وابن القاسم أن الموصي لا يعد فعله مضارة في ثلثه، لان ذلك حقه فله التصرف فيه كيف شاء. وفي المذهب قوله: أن ذلك مضارة ترد. وبالله التوفيق.
الرابعة والثلاثون - قوله تعالى: (وصية) (وصية) نصب على المصدر في موضع الحال والعامل (يوصيكم) ويصح أن يعمل فيها (مضار) والمعنى أن يقع الضرر بها أو بسببها فأوقع عليها تجوزا، قاله ابن عطية، وذكر أن الحسن بن أبي الحسن قرأ (غير مضار وصية) بالإضافة، كما تقول: شجاع حرب. وبضة (3) المتجرد، في قول طرفة بن العبد.
والمعنى على ما ذكرناه من التجوز في اللفظ لصحة المعنى. ثم قال: (والله عليم حليم) يعني عليم بأهل (4) الميراث حليم على أهل الجهل منكم. وقرأ بعض المتقدمين (والله عليم حكيم (5)) يعنى حكيم بقسمة الميراث والوصية.
الخامسة والثلاثون - قوله تعالى: (تلك حدود الله) و (تلك) بمعنى هذه، أي هذه أحكام الله بينها لكم لتعرفوها وتعملوا بها. (ومن يطع الله ورسوله) في قسمة