السلام دفعه في صدره على ما يأتي في المائدة (1)، وسقط السيف من يده فأخذه النبي صلى الله عليه وسلم وقال: (من يمنعك مني يا غورث)؟ فقال: لا أحد. فقال (تشهد لي بالحق وأعطيك سيفك)؟ قال: لا، ولكن أشهد ألا أقاتلك بعد هذا ولا أعين عليك عدوا، فدفع إليه السيف ونزلت الآية رخصة في وضع السلاح في المطر. ومرض عبد الرحمن بن عوف من جرح كما في صحيح البخاري، فرخص الله سبحانه لهم في ترك السلاح والتأهب للعدو بعذر المطر، ثم أمرهم فقال: (خذوا حذركم) أي كونوا متيقظين، وضعتم السلاح أو لم تضعوه.
وهذا يدل على تأكيد التأهب والحذر من العدو في كل الأحوال وترك الاستسلام، فإن الجيش ما جاءه مصاب قط إلا من تفريط في حذر. وقال الضحاك في قوله تعالى: (وخذوا حذركم) يعني تقلدوا سيوفكم فإن ذلك هيئة الغزاة.
قوله تعالى: فإذا قضيتم الصلاة فاذكروا الله قياما وقعودا وعلى جنوبكم فإذا اطمأننتم فأقيموا الصلاة ان الصلاة كانت على المؤمنين كتبا موقوتا (103) ولا تهنوا في ابتغاء القوم ان تكونوا تألمون فإنهم يألمون كما تألمون وترجون من الله ما لا يرجون وكان الله عليما حكيما (104) فيه خمس مسائل:
الأولى - (قضيتم) معناه فرغتم من صلاه الخوف وهذا يدل على أن القضاء يستعمل فيما قد فعل قي وقته، ومنه قوله تعالى: (فإذا قضيتم مناسككم) وقد تقدم (2).
الثانية - قوله تعالى: (فاذكروا الله قياما وقعودا وعلى جنوبكم) ذهب الجمهور إلى أن هذا الذكر المأمور به إنما هو إثر صلاة الخوف، أي إذا فرغتم من الصلاة فاذكروا الله بالقلب واللسان، على أي حال كنتم (قياما وقعودا وعلى جنوبكم) وأديموا ذكره بالتكبير والتهليل والدعاء بالنصر لا سيما في حال القتال. ونظيره (إذا لقيتم فئة فاثبتوا واذكروا الله