ليس كذلك. قال ابن عطية: وقول مجاهد متجه على المبالغة والالزام، إذ إيمانهم باليوم الآخر كلا إيمان من حيث لا ينفعهم. وقيل: نزلت في مطعمي يوم بدر، وهم رؤساء مكة، أنفقوا على الناس ليخرجوا إلى بدر. قال ابن العربي: ونفقة الرئاء تدخل في الاحكام من حيث إنها لا تجزئ.
قلت: ويدل على ذلك من الكتاب قول تعالى: (قل أنفقوا طوعا أو كرها لن يتقبل منكم) وسيأتي (1).
الثانية - قوله تعالى: (ومن يكن الشيطان له قرينا فساء قرينا) في الكلام إضمار تقديره (ولا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر) فقرينهم الشيطان (ومن يكن الشيطان له قرينا فساء قرينا). والقرين: المقارن، أي الصاحب والخليل وهو فعيل من الاقران، قال عدي ابن زيد:
عن المرء لا تسأل وسل عن قرينه * فكل قرين بالمقارن يقتدي (2) والمعنى: من قبل من الشيطان في الدنيا فقد قارنه. ويجوز أن يكون المعنى من قرن به الشيطان في النار (فساء قرينا) أي فبئس الشيطان قرينا، وهو نصب على التمييز.
قوله تعالى: وماذا عليهم لو آمنوا بالله واليوم الآخر وأنفقوا مما رزقهم الله وكان الله بهم عليما (39) (ما) في موضع رفع بالابتداء و (ذا) خبره، وذا بمعنى الذي. ويجوز أن يكون ما وذا اسما واحدا. فعلى الأول تقديره وما الذي عليهم، وعلى الثاني تقديره وأي شئ عليهم (لو آمنوا بالله واليوم الآخر)، أي صدقوا بواجب الوجود، وبما جاء به الرسول من تفاصيل الآخرة، (وأنفقوا مما رزقهم الله). (وكان الله بهم عليما) تقدم معناه في غير موضع.
قوله تعالى: ان الله لا يظلم مثقال ذرة وان تك حسنة يضاعفها ويؤت من لدنه أجرا عظيما (40)