قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا الكافرين أولياء من دون المؤمنين أتريدون أن تجعلوا لله عليكم سلطانا مبينا (144) قوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا الكافرين أولياء) مفعولان، أي لا تجعلوا خاصتكم وبطانتكم منهم، وقد تقدم (1) هذا المعنى. (أتريدون أن تجعلوا لله عليكم سلطانا مبينا) أي في تعذيبه إياكم بإقامته حجته عليكم إذ قد نهاكم.
قوله تعالى: ان المنافقين في الدرك الأسفل من النار ولن تجد لهم نصيرا (145) قوله تعالى: (في الدرك) قرأ الكوفيون (الدرك) بإسكان الراء، والأولى أفصح، لأنه يقال في الجمع: أدراك مثل جمل وأجمال، قاله النحاس. وقال أبو علي: هما لغتان كالشمع والشمع ونحوه، والجمع أدراك. وقيل: جمع الدرك أدرك، كفلس وأفلس. والنار دركات سبعة، أي طبقات ومنازل، إلا أن استعمال العرب لكل ما تسافل أدراك. يقال: للبئر أدراك، ولما تعالى درج، فللجنة درج، وللنار أدراك. وقد تقدم هذا (2). فالمنافق في الدرك الأسفل وهي الهاوية، لغلظ كفره وكثرة غوائله وتمكنه من أذى المؤمنين. وأعلى الدركات جهنم ثم لظى ثم الحطمة ثم السعير ثم سقر ثم الجحيم ثم الهاوية، وقد يسمى جميعها باسم الطبقة الأولى، أعاذنا الله من عذابها بمنه وكرمه. وعن ابن مسعود في تأويل قوله تعالى: (في الدرك الأسفل من النار) قال: توابيت من حديد مقفلة في النار تقفل عليهم. وقال ابن عمر:
إن أشد الناس عذابا يوم القيامة [ثلاثة (3)]: المنافقون، ومن كفر من أصحاب المائدة، وآل فرعون، تصديق ذلك في كتاب الله تعالى، قال الله تعالى: (إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار). وقال تعالى أصحاب المائدة: (فإني أعذبه عذابا لا أعذبه أحدا من العالمين (4)). وقال في آل فرعون: (أدخلوا آل فرعون أشد العذاب (5)).