في الأرض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة) نزلت في الصلاة في السفر، ثم نزل (إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا) في الخوف بعدها بعام. فالآية على هذا تضمنت قضيتين (1) وحكمين. فقوله (وإذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة) يعني به في السفر، وتم الكلام، ثم ابتدأ فريضة أخرى فقدم الشرط، والتقدير: إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا وإذا كنت فيهم فأقمت لهم الصلاة. والواو زائدة، والجواب (فلتقم طائفة منهم معك). وقوله: (إن الكافرين كانوا لكم عدوا مبينا) اعتراض. وذهب قوم إلى أن ذكر الخوف منسوخ بالسنة، وهو حديث عمر إذ روى أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: (هذه صدقة تصدق الله بها عليكم فاقبلوا صدقته). قال النحاس: من جعل قصر النبي صلى الله عليه وسلم في غير خوف وفعله في ذلك ناسخا للآية فقد غلط، لأنه ليس في الآية منع للقصر في الامن، وإنما فيها إباحة القصر في الخوف فقط.
العاشرة - قوله تعالى: (أن يفتنكم الذين كفروا) قال الفراء: أهل الحجاز يقولون فتنت الرجل. وربيعة وقيس وأسد وجميع أهل نجد يقولون أفتنت الرجل. وفرق الخليل وسيبويه بينهما فقالا: فتنته جعلت فيه فتنة مثل أكحلته، وافتنته جعلته مفتتنا. وزعم الأصمعي أنه لا يعرف أفتنته. (ان الكافرين كانوا لكم عدوا مبينا) (عدوا) ههنا بمعنى أعداء. والله أعلم.
قوله تعالى: وإذا كنت فيهم فأقمت لهم الصلاة فلتقم طائفة منهم معك وليأخذوا أسلحتهم فإذا سجدوا فليكونوا من ورائكم ولتأت طائفة أخرى لم يصلوا فليصلوا معك وليأخذوا حذرهم وأسلحتهم ود الذين كفروا لو تغفلون عن أسلحتكم وأمتعتكم فيميلون عليكم ميلة واحدة ولا جناح عليكم ان كان بكم أذى من مطر أو كنتم مرضى أن تضعوا أسلحتكم وخذوا حذر كم ان الله أعد للكافرين عذابا مهينا (102)