قوله تعالى: ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا (69) ذلك الفضل من الله وكفى بالله عليما (70) فيه ثلاث مسائل:
الأولى - قوله تعالى: (ومن يطع الله والرسول) لما ذكر تعالى الامر الذي لو فعله المنافقون حين وعظوا به وأنابوا إليه لأنعم عليهم، ذكر بعد ذلك ثواب من يفعله. وهذه الآية تفسير قوله تعالى: (اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم (1)) وهي المراد في قوله عليه السلام عند موته (اللهم الرفيق الاعلى). وفي البخاري عن عائشة قالت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (ما من نبي يمرض إلا خير بين الدنيا والآخرة) كان في شكواه الذي مرض فيه أخذته بحة (2) شديده فسمعته يقول: (مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين) فعلمت أنه خير. وقالت طائفة: إنما نزلت هذه الآية لما قال عبد الله بن زيد بن عبد ربه الأنصاري - الذي أري الاذان -: يا رسول الله، إذا مت ومتنا كنت في عليين لا نراك ولا نجتمع بك، وذكر حزنه على ذلك فنزلت هذه الآية.
وذكر مكي عن عبد الله هذا وأنه لما مات النبي صلى الله عليه وسلم قال: اللهم أعمني حتى لا أرى شيئا بعده، فعمي [مكانه (3)]. وحكاه القشري فقال: اللهم أعمني فلا أرى شيئا بعد حبيبي حتى ألقى حبيبي، فعمي مكانه. وحكى الثعلبي: أنها نزلت في ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان شديد الحب له قليل الصبر عنه، فأتاه ذات يوم وقد تغير لونه ونحل جسمه، يعرف في وجهه الحزن، فقال له: (يا ثوبان ما غير لونك) فقال: يا رسول الله ما بي ضر ولا وجع، غير أني إذا لم أرك اشتقت إليك واستوحشت وحشة شديدة حتى ألقاك، ثم ذكرت الآخرة وأخاف ألا أراك هناك، لأني عرفت أنك ترفع مع النبيين وأني إن دخلت الجنة كنت في منزلة هي أدنى من منزلتك، وإن لم أدخل فذلك حين لا أراك أبدا، فأنزل الله