كثيرا لعلكم تفلحون (1)). ويقال: (فإذا قضيتم الصلاة) بمعنى إذا صليتم في دار الحرب فصلوا على الدواب، أو قياما أو قعودا أو على جنوبكم إن لم تستطيعوا القيام، إذا كان خوفا أو مرضا، كما قال تعالى في آية أخرى: (فإن خفتم فرجالا أو ركبانا (2)) وقال قوم: هذه الآية نظيرة التي في (آل عمران (3))، فروي أن عبد الله بن مسعود رأى الناس يضجون في المسجد فقال: ما هذه الضجة؟ قالوا: أليس الله تعالى يقول (فاذكروا الله قياما وقعودا وعلى جنوبكم)؟
قال: إنما يعني بهذا الصلاة المكتوبة إن لم تستطع قائما فقاعدا، وإن لم [تستطع (4)] فصل على جنبك. فالمراد نفس الصلاة، لان الصلاة ذكر الله تعالى، وقد اشتملت على الأذكار المفروضة والمسنونة، والقول الأول أظهر. والله أعلم.
الثالثة - قوله تعالى: (فإذا اطمأننتم) أي أمنتم. والطمأنينة سكون النفس من الخوف. (فأقيموا الصلاة) أي فأتوها بأركانها وبكمال هيئتها في السفر، وبكمال عددها في الحضر. (ان الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا) أي مؤقتة مفروضة. وقال زيد ابن أسلم: (موقوتا) منجما، أي تؤدونها في أنجمها، والمعنى عند أهل اللغة: مفروض لوقت بعينه، يقال: وقته فهو موقوت. ووقته فهو مؤقت. وهذا قول زيد بن أسلم بعينه.
وقال: (كتابا) والمصدر مذكر، فلهذا قال: (موقوتا).
الرابعة - قوله تعالى: (ولا تهنوا) أي لا تضعفوا، وقد تقدم في (آل عمران (3)).
(في ابتغاء القوم) طلبهم. قيل: نزلت في حرب أحد حيث أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالخروج في آثار المشركين، وكان بالمسلمين جراحات، وكان أمر ألا يخرج معه إلا من كان في الوقعة، كما تقدم في (آل عمران) وقيل: هذا في كل جهاد.
الخامسة - قوله تعالى: (إن تكونوا تألمون) أي تتألمون مما أصابكم من الجراح فهم يتألمون أيضا مما يصيبهم، ولكم مزية وهي أنكم ترجون ثواب الله وهم لا يرجونه، وذلك أن من لا يؤمن بالله لا يرجون من الله شيئا. ونظير هذه الآية (إن يمسسكم قرح فقد مس