الصحابة كعمر وابن عباس وجبير بن مطعم: (إن الصلاة فرضت في الحضر أربعا وفي السفر ركعتين وفي الخوف ركعة) رواه مسلم عن ابن عباس. ثم إن حديث عائشة قد رواه ابن عجلان عن صالح بن كيسان عن عروة عن عائشة قالت: فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم الصلاة ركعتين ركعتين. وقال فيه الأوزاعي عن ابن شهاب عن عروة عن عائشة قالت:
فرض الله الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم ركعتين ركعتين، الحديث، وهذا اضطراب.
ثم إن قولها: (فرضت الصلاة) ليس على ظاهره، فقد خرج عنه صلاة المغرب والصبح، فإن المغرب ما زيد فيها ولا نقص منها، وكذلك الصبح، وهذا كله يضعف متنه لا سنده.
وحكى ابن الجهم أن أشهب روى عن مالك أن القصر فرض، ومشهور مذهبه وجل أصحابه وأكثر العلماء من السلف والخلف أن القصر سنة، وهو قول الشافعي، وهو الصحيح على ما يأتي بيانه إن شاء الله. ومذهب عامة البغداديين من المالكيين أن الفرض التخيير، وهو قول أصحاب الشافعي. ثم اختلفوا في أيهما أفضل، فقال بعضهم: القصر أفضل، وهو قول الأبهري وغيره. وقيل: إن الاتمام أفضل، وحكي عن الشافعي. وحكى أبو سعيد الفروي المالكي أن الصحيح في مذهب مالك التخيير للمسافر في الاتمام والقصر.
قلت - وهو الذي يظهر من قوله سبحانه وتعالى: (فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة) إلا أن مالكا رحمه الله يستحب له القصر، وكذلك يرى عليه الإعادة في الوقت إن أتم. وحكى أبو مصعب في (مختصره) عن مالك وأهل المدينة قال: القصر في السفر للرجال والنساء سنة. قال أبو عمر: وحسبك بهذا في مذهب مالك، مع أنه لم يختلف قوله:
أن من أتم في السفر يعيد ما دام في الوقت، وذلك استحباب عند من فهم، لا إيجاب. وقال الشافعي: القصر في غير الخوف بالسنة، وأما في الخوف مع السفر فبالقرآن والسنة، ومن صلى أربعا فلا شئ عليه، ولا أحب لاحد أن يتم في السفر رغبة عن السنة. وقال أبو بكر الأثرم:
قلت لأحمد بن حنبل للرجل أن يصلي في السفر أربعا؟ قال: لا، ما يعجبني، السنة ركعتان.
وفي موطأ مالك عن ابن شهاب عن رجل من آل خالد بن أسيد، أنه سأل عبد الله بن عمر