في صفة الصلاة بترك الركوع والسجود إلى الايماء، وبترك القيام إلى الركوع. وقال آخرون:
هذه الآية مبيخة للقصر من حدود الصلاة وهيئتها عند المسايفة واشتعال الحرب، فأبيح لمن هذه حاله أن يصلي إيماء برأسه، ويصلي ركعة واحدة حيث توجه، إلى تكبيرة (1)، على ما تقدم في (البقرة (2)). ورجح الطبري هذا القول وقال: إنه يعادله قوله تعالى: (فإذا اطمأننتم فأقيموا الصلاة) أي بحدودها وهيئتها الكاملة.
قلت: هذه الأقوال الثلاثة في المعنى متقاربة، وهي مبنية على أن فرض المسافر القصر، وإن الصلاة في حقه ما نزلت إلا ركعتين، فلا قصر. ولا يقال في العزيمة لا جناح، ولا يقال فيما شرع ركعتين إنه قصر، كما لا يقال في صلاة الصبح ذلك. وذكر الله تعالى القصر بشرطين والذي يعتبر فيه الشرطان صلاة الخوف، هذا ما ذكره أبو بكر الرازي في (أحكام القرآن) واحتج به، ورد عليه بحديث يعلى بن أمية على ما يأتي [آنفا (3)] إن شاء الله تعالى.
التاسعة - قوله تعالى: (ان خفتم) خرج الكلام على الغالب، إذ كان الغالب على المسلمين الخوف في الاسفار، ولهذا قال يعلى بن أمية [قلت (4)] لعمر: ما لنا نقصر وقد أمنا. قال عمر: عجبت مما عجبت منه فسألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك فقال: (صدقة تصدق الله بها عليكم فاقبلوا صدقته).
قلت: وقد استدل أصحاب الشافعي وغيرهم على الحنفية بحديث يعلى بن أمية هذا فقالوا:
إن قوله: (ما لنا نقصر وقد أمنا) دليل قاطع على أن مفهوم الآية القصر في الركعات. قال الكيا الطبري: ولم يذكر أصحاب أبي حنيفة على هذا تأويلا يساوي الذكر، ثم إن صلاة الخوف لا يعتبر فيها الشرطان، فإنه لو لم يضرب في الأرض ولم يوجد السفر بل جاءنا الكفار وغزونا في بلادنا فتجوز صلاة الخوف، فلا يعتبر وجود الشرطين على ما قاله (5). وفي قراءة أبي (أن تقصروا من الصلاة أن يفتنكم الذين كفروا) بسقوط (إن خفتم). والمعنى على قراءته: كراهية أن يفتنكم الذين كفروا. وثبت في مصحف عثمان [رضي الله عنه (6) (إن