كان. ولو كانت الكتابة واجبة ما صح الاستئجار بها، لان الإجارة على فعل الفروض باطلة، ولم يختلف العلماء في جواز أخذ الأجرة على كتب الوثيقة. ابن العربي: والصحيح أنه أمر إرشاد فلا يكتب حتى يأخذه حقه. وأبى يأبى شاذ، ولم يجئ إلا قلى يقلى وأبى يأبى وغسى (1) يغسى وجبى الخراج يجبى، وقد تقدم.
الخامسة عشرة - قوله تعالى: (كما علمه الله فليكتب) الكاف في " كما " متعلقة بقوله " أن يكتب " المعنى كتبا كما علمه الله. ويحتمل أن تكون متعلقة بما في قوله " ولا يأب " من المعنى، أي كما أنعم الله عليه بعلم الكتابة فلا يأب هو وليفضل كما أفضل الله عليه. ويحتمل أن يكون الكلام على هذا المعنى تاما عند قوله " أن يكتب " ثم يكون " كما علمه الله " ابتداء كلام، وتكون الكاف متعلقة بقوله " فليكتب ".
السادسة عشرة - قوله تعالى: (وليملل الذي عليه الحق) وهو المديون المطلوب يقر على نفسه بلسانه ليعلم ما عليه. والاملاء والاملال لغتان، أمل وأملى، فأمل لغة أهل الحجاز وبنى أسد، وتميم تقول: أمليت. وجاء القرآن باللغتين، قال عز وجل: " فهي تملى عليه بكرة وأصيلا (2) ". والأصل أمللت، أبدل من اللام ياء لأنه أخف. فأمر الله تعالى الذي عليه الحق بالاملاء، لان الشهادة إنما تكون بسبب إقراره. وأمره تعالى بالتقوى فيما يمل، ونهي عن أن يبخس شيئا من الحق. والبخس النقص. ومن هذا المعنى قوله تعالى:
" ولا يحل لهن أن يكتمن ما خلق الله في أرحامهن (3) ".
السابعة عشرة - قوله تعالى: (فإن كان الذي عليه الحق سفيها أو ضعيفا) قال بعض الناس: أي صغيرا. وهو خطأ فإن السفيه قد يكون كبيرا على ما يأتي بيانه. " أو ضعيفا " أي كبيرا لا عقل له. (أو لا يستطيع أن يمل) جعل الله الذي عليه الحق أربعة أصناف:
مستقل بنفسه يمل، وثلاثة أصناف لا يملون وتقع نوازلهم في كل زمن، وكون الحق يترتب لهم في جهات سوى المعاملات كالمواريث إذا قسمت وغير ذلك، وهم السفيه والضعيف والذي لا يستطيع أن يمل. فالسفيه المهلهل الرأي في المال الذي لا يحسن الاخذ لنفسه ولا الاعطاء