التاسعة عشرة - قوله تعالى: (أو ضعيفا) الضعيف هو المدخول العقل الناقص الفطرة (1) العاجز عن الاملاء، إما لعيه (2) أو لخرسه أو جهله بأداء الكلام، وهذا أيضا قد يكون وليه أبا أو وصيا. والذي لا يستطيع أن يمل هو الصغير، ووليه وصيه أو أبو ه والغائب عن موضع الاشهاد، إما لمرض أو لغير ذلك من العذر. ووليه وكيله. وأما الأخرس فيسوغ أن يكون من الضعفاء، والأولى أنه ممن لا يستطيع. فهذه أصناف تتميز، وسيأتي في " النساء (3) " بيانها والكلام عليها إن شاء الله تعالى.
الموفية عشرين - قوله تعالى: (فليملل وليه بالعدل) ذهب الطبري إلى أن الضمير في " وليه " عائد على " الحق " وأسند في ذلك عن الربيع، وعن ابن عباس. وقيل: هو عائد على " الذي عليه الحق " وهو الصحيح. وما روى عن ابن عباس لا يصح. وكيف تشهد البينة على شئ وتدخل مالا في ذمة السفيه بإملاء الذي له الدين! هذا شئ ليس في الشريعة.
إلا أن يريد قائله: إن الذي لا يستطيع أن يمل لمرض أو كبر سن لثقل لسانه عن الاملاء أو لخرس، وإذا كان كذلك فليس على المريض ومن ثقل لسانه عن الاملاء لخرس ولى عند أحد العلماء، مثل ما ثبت على الصبي والسفيه عند من يحجر عليه. فإذا كان كذلك فليمل صاحب الحق بالعدل ويسمع الذي عجز، فإذا كمل الاملاء أقر به. وهذا معنى لم تعن الآية إليه: ولا يصح هذا إلا فيمن لا يستطيع أن يمل لمرض ومن ذكر معه.
الحادية والعشرون - لما قال الله تعالى: (فليملل الذي عليه الحق) دل ذلك على أنه مؤتمن فيما يورده ويصدره، فيقتضى ذلك قبول قول الراهن مع يمينه إذا اختلف هو والمرتهن في مقدار الدين والرهن قائم، فيقول الراهن رهنت بخمسين والمرتهن يدعى مائة، فالقول قول الراهن والرهن قائم، وهو مذهب أكثر الفقهاء: سفيان الثوري والشافعي وأحمد وإسحاق وأصحاب الرأي، واختاره ابن المنذر قال: لان المرتهن مدع للفضل، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: " البينة على المدعى واليمين على المدعى عليه ". وقال مالك: القول قول المرتهن فيما بينه وبين قيمة الرهن ولا يصدق على أكثر من ذلك. فكأنه يرى أن الرهن ويمينه شاهد