منها، مشبه بالثوب السفيه وهو الخفيف النسج. والبذئ اللسان يسمى سفيها، لأنه لا تكاد تتفق البذاءة إلا في جهال الناس وأصحاب العقول الخفيفة. والعرب تطلق السفه على ضعف العقل تارة وعلى ضعف البدن أخرى، قال الشاعر:
نخاف أن تسفه أحلامنا * ويجهل الدهر مع الحالم وقال ذو الرمة:
مشين كما اهتزت رماح تسفهت * أعاليها مر الرياح النواسم أي استضعفها واستلانها فحركها. وقد قالوا: الضعف بضم الضاد في البدن وبفتحها في الرأي، وقيل: هما لغتان. والأول أصح، لما روى أبو داود عن أنس بن مالك أن رجلا على عهد النبي صلى الله عليه وسلم كان يبتاع وفى عقله ضعف فأتى أهله نبي الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: يا نبي الله، احجر على فلان فإنه يبتاع وفى عقله ضعف. فدعاه النبي صلى الله عليه وسلم فنهاه عن البيع، فقال: يا رسول الله، إني لا أصبر عن البيع ساعة. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن كنت غير تارك البيع فقل ها وها ولا خلابة (1) ". وأخرجه أبو عيسى محمد بن عيسى السلمي الترمذي من حديث أنس وقال: هو صحيح، وقال: إن رجلا كان في عقله ضعف، وذكر الحديث. وذكره البخاري في التاريخ وقال فيه: " إذا بايعت فقل لا خلابة وأنت في كل سلعة ابتعتها بالخيار ثلاث ليال ". وهذا الرجل هو حبان (2) بن منقذ بن عمرو الأنصاري والد يحيى وواسع ابني حبان: وقيل: وهو منقذ جد يحيى وواسع شيخي مالك ووالده حبان، أتى عليه مائة وثلاثون سنة، وكان شج في بعض مغازيه مع النبي صلى الله عليه وسلم مأمومة (3) خبل منها عقله ولسانه: وروى الدارقطني قال: كان حبان بن منقذ رجلا ضعيفا ضرير البصر وكان قد سفع (4) في رأسه مأمومة، فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم له الخيار فيما يشترى ثلاثة أيام، وكان قد ثقل لسانه، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: " بع وقل لا خلابة " فكنت